عَنْ أبي ثابت. وقيل أبي سعيد. وقيل أبي الوليد سهل بن حنيف وهو بدري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: من سأل اللَّه تعالى الشهادة بصدق بلغه اللَّه منازل الشهداء وإن مات عَلَى فراشه
رواه مسلم.
فوائد الحديث:
والشهادة مرتبة عالية بعد الصديقية ، كما قال الله سبحانه : ( وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ)(النساء: 69) ،
وهي أنواع كثيرة :
منها : الشهادة بأحكام الله عز وجل على عباد الله ، وهذه شهادة العلماء التي قال الله فيها : ( شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ )(آل عمران: 18) .
وقد ذهب كثير من العلماء في تفسير قوله : (وَالشُّهَدَاءِ ) إلى أنهم العلماء ولا شك أن العلماء شهداء ،
فيشهدون بأن الله تعالى أرسل رسوله محمد صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق ، ويشهدون على الأمة بأنها بلغت شريعة الله ،
ويشهدون في أحكام الله : هذا حلال ، وهذا حرام ، وهذا واجب ، وهذا مستحب ، وهذا مكره ، ولا يعرف هذا إلا أهل العلم ؛ لذلك كانوا شهداء .
ومن الشهداء أيضا : من يصاب بالطعن والبطن والحرق والغرق : المطعون والمبطون والحريق والغريق وما أشبههم .
ومن الشهداء : الذين قتلوا في سبيل الله .
ومن الشهداء : الذين يقتلون دون أموالهم ودون أنفسهم ،
كما قال النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ حينما سأله رجل وقال : (( أرأيت يا رسول الله إن جاءني رجل يطلب مالي ـ أي عنوة ـ
قال : (( لا تعطيه مالك ، قال : أرأيت إن قاتلني ؟ قال قاتله ، قال أرأيت إن قتلته ؟ قال : هو في النار ـ لأنه معتد ظالم ـ قال : أرأيت إن قتلني ؟ قال : فأنت شهيد قال : أرأيت إن قتلته ؟ قال هو في النار ))
وقال النبي عليه الصلاة والسلام : (( من قتل دون دمه فهو شهيد ، ومن قتل دون أهله فهو شهيد ، ومن قتل دون ماله فهو شهيد ))
ومن الشهداء أيضا : من قتل ظلما ، كأن يعتدي عليه إنسان فيقتله غيلة ـ ظلما ـ فهذا شهيد .
فإذا سال الإنسان ربه وقال : اللهم إني أسألك الشهادة في سبيلك ـ ولا تكون الشهادة إلا بالقتال ؛ لتكون كلمة الله هي العليا ـ فإن الله تعالى إذا علم منه صدق القول والنية أنزله منازل الشهداء ، وإن مات على فراشه .
بقي علينا الذي يقاتل دفاعا عن بلده : هل هو في سبيل الله أو لا ؟
نقول : إن كنت تقاتل دفاعا عن بلدك لأنها بلد إسلامي فتريد أن تحميها من أجل أنها بلد إسلامي فهذا في سبيل الله ، لأنك قاتلت لتكون كلمة الله هي العليا .
إما إذا قاتلت من أجل أنها وطن فقط فهذا ليس في سبيل الله ؛ لأن الميزان الذي وضعه النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ لا ينطبق عليه من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله ، وما سوى ذلك فليس في سبيل الله ، ولهذا يجب أن نصحح للإنسان نيته في القتال للدفاع عن بلده ، بأن ينوي بذلك بأن يقاتل عن هذا البلد لأنه بلد إسلامية فيريد أن يحفظ الإسلام الذي فيه ، وبهذا إذا قتل شهيدا له أجر الشهداء ، وإذا غنم صار سعيدا وربح ، إما ربح الدنيا وإما ربح الآخرة ، والله الموفق
تحياتى