حديث: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه رواه البخاري ومسلم.
................................................
تخريج الحديث .. .
رواه إماما المحدثين أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردذبه البخاري، وأبو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري في صحيحيهما الذين هما أصح الكتب المصنفة.
................................................
رواي الحديث .. .
أبوهريرة هو عبد الرحمن بن صخر من ولد ثعلبة بن سليم بن فهم بن غنم ابن دوس اليماني أسلم سنة سبع من الهجرة بين الحديبية وخيبر وكان عمره حينذاك نحواً من ثلاثين سنة توفي سنة 57 رضي الله عنه وأرضاه .. .
................................................
أهمية الحديث ومكانتة .. .
هذا الحديث أدب من الآداب العظيمة، وهو صنو حديث: من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه من جهة أنه أصل في الآداب العامة، وهذا الحديث دل على أن من صفات المؤمن بالله وباليوم الآخر، الذي يخاف الله ويتقيه، ويخاف ما يحصل له في اليوم الآخر، ويرجو أن يكون ناجيا في اليوم الآخر، أن من صفاته أنه يقول الخير أو يصمت.
................................................
شرح الحديث .. .
ومن صفاته أنه يكرم الجار. ومن صفاته أنه يكرم الضيف. ومن صفاته أنه يكرم الجار، هذا بعموم ما دل عليه الحديث، الحديث دل على أن الحقوق منقسمة إلى: حقوق لله، وحقوق للعباد.
وحقوق الله -جل وعلا- مدارها على مراقبته، ومراقبة الحق -جل وعلا- أعسر شيء أن تكون في اللسان، ولهذا نبه بقوله: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت على حقوق الله -جل وعلا-، والتي من أعسرها من حيث العمل والتطبيق: حفظ اللسان، وهنا أمره بأن يقول خيرا أو أن يصمت، فدل على أن الصمت متراخ في المرتبة عن قول الخير؛ لأنه ابتدأ الأمر بقول الخير فقال: فليقل خيرا فهذا هو الاختيار، هو المقدم أن يسعى في أن يقول الخير.
والمرتبة الثانية: أنه إذا لم يجد خيرا يقوله أن يختار الصمت؛ وهذا لأن الإنسان محاسب على ما يتكلم به، وقد قال -جل وعلا-: لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ .
فهذا الحديث فيه: فليقل خيرا وعلق هذا بالإيمان بالله واليوم الآخر، وقول الخير متعلق بالثلاثة التي في آية النساء قال: إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ فالصدقة واضحة والإصلاح أيضا واضح، والمعروف هو ما عرف حسنه في الشريعة، ويدخل في ذلك جميع الأمر بالواجبات والمستحبات، وجميع النهي عن المحرمات والمكروهات، وتعليم العلم والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر. .. إلخ.
فإذن قوله -عليه الصلاة والسلام-: فليقل خيرا يعني: فليقل أمرا بالصدقة، فليقل أمرا بالمعروف، فليقل بما فيه إصلاح بين الناس، وغير هذه ليس فيها خير، ما خرج عن هذه فإنه ليس فيها خير، وقد تكون من المباحة، وقد تكون من المكروهة، وإذا كان كذلك فالاختيار أن يصمت، وخاصة إذا كان في ذلك إحداث لإصلاح ذات البين، يعني أن يكون ما بينه وبين الناس صالحا على جهة الاستقامة بين المؤمنين الأخوة.
قال -عليه الصلاة والسلام- هنا: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت يعني أن حفظ اللسان من الفضول بقول الخير، أو بالصمت إن لم تجد خيرا أن هذا من علامات الإيمان بالله واليوم الآخر؛ لأن أشد شيء على الإنسان أن يحفظه لسانه، لهذا جاء في حديث معاذ المعروف أنه سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- لما قال له -عليه الصلاة والسلام-: وكف عليك هذا فاستعجب معاذ فقال: يا رسول الله أوإنا مؤاخذون بما نقول؟ فقال: ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس في النار على مناخرهم -أو قال: على وجوههم- إلا حصائد ألسنتهم فدل على أن اللسان خطير تحركه، إذا لم يكن تحركه في خير فإنه عليك لا لك