مصدر طاقة الجذوة!!
معلومٌ أنَّ الإيمان يزيدُ ويَضعف، ولكني هنا لا أتحدث عن عموم الإيمان!!
وإنما أتحدث فقط عن تلك الجذوة الحارة المتَّقدة في قلب المؤمن، والتي تمثل بالنسبة له شعلةً إيمانيةً، يستمد منها طاقته في كل وقتٍ وحين!!
وهي أشبه ما تكون ببركان متوقد يثور في باطن الأرض،ويتوهج بما فيه من حمم ولهيب، ولكن لا يراه الناس إلا حين يثور وينفجر!!
وهذه الطاقة التي يستمدها منه المؤمن الصادق، تمثل بالنسبة له حاجزاً منيعاً؛ يحول بينه وبين اقتراف حرمات الله أو حتى مجرد الاقتراب منها!!
وتزداد قوة هذا الحاجز أو تضعف؛ بحسب قوة اشتعال تلك الجذوة في القلب أو خبوتها!!
وحينما يهمُّ بالطاعةٍ؛ فما أيسر أن يستمد منها قوته مجدداً مهما كان في هذه الطاعة من المشقة!! يفعل ذلك مراراً وتكراراً دون مللٍ أو كلل!!
فيا ترى، ما هي تلك الجذوة؟! وما مصادر طاقتها؟!
إن تلك الجذوة لا تتولد في قلب العبد إلا في سكون ظلمة الليل؛ حين يخلو العبد بنفسه في الثلث الأخير من الليل، والناس غارقون في هجعة النوم!!
حيث يتوجه بقلبه كله إلى الله!!
بكل ما فيه من مشاعر الخوف والوجل والأملٍ والرجاءه والرغبة والرهبة!!
ويعتصر كل ما بداخله من تلك المشاعر دموعاً تسيل حارة على مدمعه!!
فلا يرى أمامه إلا الله!!
ولا يخالج هواجس نفسه سوى رجائه في رحمة الله!!
ولا يرتعد فؤاده إلا مخافة هول سؤال وعذاب الله!!
وتلوح أمامه لحظة استوحاشه من وحدة القبر، ورهبة القدوم على الله!!
وتتزين الجنة في مخيلته بحورها وقصورها، فتطوق النفس شوقاً إلى نعيم الله!!
فتمتزج كل هذه الأحاسيس في شعلة واحدة، عنوانها (حياتي كلها لله)!!
وتلوح تباشير الفجر مؤذنةً بموعد اقتراب نهاية تلك الخلوة الجميلة؛ فيبدأ صبح جديد، قد استعلت فيه نفسه عن هموم الدنيا التي هانت عليه بعد صفاء ذلك اللقاء بمولاه، فيهوِّن الله عليه أمرها برحمته ورضاه!!
***************************
في هذه الأجواء فقط تتكون تلك الجذوة!!
وبين طيَّات هذه الخلوات فقط تتقد شعلتها!!
وقد تتعجب حين تعلم أن أكبر مصادر طاقتها؛ إنما يتمثل في الأخذ منها!!
فإن أخذت منها؛ لتحجبك عن منكر تخشى الوقوع فيه؛ ازدادت شعلتها توهجاً بزيادة الإيمان في قلبك!! وإذا أخذت منها للاستعانة على طاعة تريد القيام بها، انعكس بريقها تزكية لنفسك!!
فهلا طرقت البابأخي الحبيب طلباً للحصول عليها؟!
فما رد الله صادقاً في طلب النجاة بها من الذنوب في الدنيا، كي ينجو من هول يوم المحشر!!
فها هو الطريق إليها بين يديك . .
وها هو مصدر طاقتها بين (ترك المعصية و فعل الطاعة) ملك يديك!!
إنها حلاوة الإيمان!!!!!