إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً ...
الظّنّ عند الفقهاء: التّردّد بين أمرين استويا أو ترجّح أحدهما على الآخر، وعند المتكلّمين: الظّنّ تجويز أمرين أحدهما أرجح من الآخر والمرجوح يسمّى بالوهم. وقال الرّاغب: الظّنّ: اسم لما يحصل عن أمارة ومتى قويت أدّت إلى العلم ومتى ضعفت جدّا لم تتجاوز حدّ التّوهّم.
من معاني كلمة «الظّنّ» في القرآن الكريم:
ورد الظّنّ في القرآن مجملا على أوجه: بمعنى اليقين، وبمعنى الشّكّ، وبمعنى التّهمة، وبمعنى الحسبان.
فالّذي بمعنى اليقين قوله تعالى:
1-يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ (البقرة/ 46).
2-وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ (القيامة/ 28).
3-إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ (الحاقة/ 20).
4-وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ (الجن/ 12).
5-أَلا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (المطففين/ 4).
6-وَظَنُّوا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ (فصلت/ 48).
7-وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ (يونس/ 22).
8-وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ (التوبة/ 118). يعني المتخلّفين عن غزوة تبوك.
وأمّا الّذي بمعنى الشّكّ والتّهمة فمنه قوله تعالى:
1-مَنْ كانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ (الحج/ 15).
2-وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (الأحزاب/ 10).
3-وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ (الفتح/ 12).
4-يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ (آل عمران/ 154).
5-وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ (الحشر/ 2) يعني بني قريظة وحصونهم.
6-إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً (يونس/ 36).
وأمّا الّذي بمعنى الحسبان فمنه قوله تعالى:
1-إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ* بَلى إِنَّ رَبَّهُ كانَ بِهِ بَصِيراً (الانشقاق/ 14، 15).
2-وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ ... الآية (فصلت/ 22).
والظّنّ في كثير من الأمور مذموم. ولهذا قال تعالى: وَما يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً(يونس/ 36). وقال: اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ(الحجرات/ 12)*
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ" صحيح البخاري"
قيل لبعض العلماء: من أسوأ الناس حالا؟
قال: من اتسعت معرفته، وضاقت مقدرته، وبعدت همته، وأسوأ منه حالا: من لم يثق بأحد لسوء ظنه ولم يثق به أحدٌ لسوء فعله ...