الحمد لله والصلاة
والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم.....وبعد
إنتشر فى هذا الزمان نوع من
الصيد يكاد يحترفه كثيرٌ من الناس إلا ما رحم الله, ويجتهد فى صيده وهو صيد عيوب
الخلائق بما سترها عليهم رب الخلائق .
وقد تجد أن الأمر لم يقتصر فحسب على
المختلفين أوالمتخاصمين بل وأصبح فى بيوتنا وعملنا ووصل الأمر إلى مسجدنا فى
التفتيش و التقصى عن عيوب إمامنا وشيخنا وما عن أصله وعلمه وصوته وما إلى ذلك من
تتبع للعثرات والعورات جملةً وللعيوب تفصيلا.
قال الله تعالى :((وَلَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيا
وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِيما أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذابٌ عَظِيمٌ (*)إِذْ
تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ ما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ
عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ (*){سورة النور:14/15} , وقوله {وَمَنْ يَكْسِبْ
خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا
وَإِثْمًا مُبِينًا} [النساء : 112]
عن أبي برزة
الأسلميّ- رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم «يا معشر من
آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين، ولا تتّبعوا عوراتهم فإنّه
من اتّبع عوراتهم يتّبع اللّه عورته، ومن يتّبع اللّه عورته يفضحه في بيته) «في صحيح سنن أبي داود (4083) قال الألباني: حسن صحيح.»
عن
معاوية- رضي اللّه عنه- قال :«سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: «إنّك
إن اتّبعت عورات النّاس أفسدتهم أو كدت أن تفسدهم) «صحيح سنن أبو داود
(4088)»
يقول الحق عز وجل:{وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ
لُمَزَةٍ}[الهمزة : 1], وعن أنس بن مالك- رضي اللّه
عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم «لمّا عرج بي مررت بقوم لهم أظفار
من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم.
فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الّذين
يأكلون لحوم النّاس، ويقعون في أعراضهم») أحمد (3/ 224)، أبو داود
(4878)
قال بعض الوزراء الصالحين لبعض من يأمر بالمعروف : اجتهد أن تستر
العصاة فإن ظهور معاصيهم عيب في أهل الإسلام ، وأولى الأمور ستر العيوب , وفي
مثله جاء الحديث «أقيلوا ذوي العثرات عثراتهم» رواه أبو داود والنسائي عن عائشة -
رضي الله عنها .
قال الله تعالى:{وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ
لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ
عَنْهُ مَسْئُولًا} [الإسراء : 36]
وقال ابن الجوزي
: لا ينبغي له أن يسترق السمع على دار غيره يستمع صوت الأوتار ، ولا يتعرض للشم
ليدرك رائحة الخمر ، ولا أن يمس ما قد ستر بثوب ليعرف شكل المزمار ، ولا أن يستخبر
جيرانه ليخبر بما جرى ، بل لو أخبره عدلان ابتداء أن فلانا يشرب الخمر فله إذ ذاك
أن يدخل وينكر .
قال بعض السلف في الكف عن البحث عن عيوب الناس : أدركنا قوما لم
تكن لهم عيوب ، فذكروا عيوب الناس فذكر الناس لهم عيوبا ؛ وأدركنا أقواما كانت لهم
عيوب فكفوا عن عيوب الناس فنسيت عيوبهم .
وشاهد هذا قوله - صلى الله عليه وسلم -
فيما رواه الإمام أحمد وأبو داود عن أبي بردة - رضي الله عنه - مرفوعا . «يا معشر
من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان في قلبه لا تغتابوا الناس ، ولا تتبعوا عوراتهم ،
فإنه من تتبع عوراتهم تتبع الله عورته ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته» ،
وتقدم.
وأنشد بعضهم في ذلك :