لعلج المحلل النفساني قال إن من حق أحد الزوجين الاحتفاظ بأسرار خاصة به
قال الدكتور خالد لعلج إن أساس العلاقة الزوجية ينبغي أن ينبني على الاحترام المتبادل بين طرفيها، وهذا الاحترام يتأسس على الحفاظ على حق كل واحد منهما في نسج عالمه الخاص والمستقل. وأضاف المحلل النفساني أن الزواج لا يعني بالضرورة امتلاكا للآخر وأن من المستحيل معرفة أسرار الشريك.
ما هي حدود الأسرار بين الزوجين؟ هل من حق أحد الطرفين التدخل في العالم الخاص للآخر؟
حدود الأسرار بين الزوجين ينبغي أن تنبني على الاحترام بينهما، وهذا لا يتأسس إلا على تعامل كل طرف مع الآخر على أساس أنه كيان مستقل له عالمه الخاص، ثم إن مسألة اطلاع أحد الزوجين على أسرار الآخر تبدو مستحيلة من الناحية العملية، كما أنها تنطوي على مضرة كبيرة لكلا الطرفين، فالأفضل لهما أن يركزا على الجوانب الإيجابية في كل واحد منهما للحفاظ على رابط المحبة.
هناك من الأزواج من يرى أن عدم احترام خصوصياتهم "تطفل" من الطرف الآخر وتجاوز لحدود العلاقة التي تربط بينهما؟
أرى أن كلمة "تطفل" قاسية نوعا ما، فرغم أنني قلت إن الزوجين يجب أن يتعاملا مع بعضهما البعض على أساس احترام استقلالية كل واحد وحقه في نسج عالمه الخاص والداخلي، فإن هذا لا يمنع من إعطاء الحق لكل واحد منهما في محاسبة الآخر على بعض التصرفات، فاستقلالية أحد الزوجين لا تعطي له الحق، في أن يفعل أي شيء ويقول للآخر "هذا ليس من شأنك" أو "هذه حياتي الخاصة ولا دخل لك بها"، فللحرية الشخصية داخل العلاقة الزوجية حدود تنتهي بالمس بكرامة الآخر بعدم إقامة أي اعتبار أو وزن له، من خلال تصرفات معينة غير مقبولة. وهذا لا يمنع أيضا من القول إن الزواج ليس معناه امتلاك الآخر، لأن هذا الآخر ليس "شيئا" قابلا للامتلاك بل هو ذات واعية وحرة ولها كامل الصلاحية في اتخاذ القرارات الخاصة بها بكل استقلالية ومسؤولية.
كما أنني لا أرى في اهتمام أحد الزوجين بالآخر نوعا من تجاوز حدود العلاقة المفروض أن تكون، خاصة إذا كان هذا الاهتمام مبعثه المحبة والغيرة بصورتها الإيجابية بما هي تجسيد لقيمة التعلق والانجذاب، لا بما هي حالة مرضية عندما تتجاوز حدودها فتصير باعثا على إحصاء أنفاس الشريك وتتبع خطواته وتصرفاته.
ما تعليقك على الرأي القائل إن مدة العشرة بين الزوجين تزيل الحواجز بينهما وتجعل الحق لكل منهما في الاطلاع على أسرار الآخر؟
العلاقة الزوجية خلال بدايتها تكون مشوبة بنوع من الحذر والاحتياط من كلا الجانبين، كما يمكن أن يتصنع الطرفان بعض السلوكات التي تخفي حقيقتهما، لكن مع مرور الوقت ف"الطبع يغلب التطبع" إذ تطفو على السطح الطبيعة الواقعية لكل واحد، سواء كانت سلبية أو إيجابية، كما تنكشف الكثير من الأسرار بشكل تلقائي وعفوي، وترتفع الرقابة التي يمارسها الفرد على سلوكاته، التي قد تكون إيجابية أو سلبية، لهذا يمكن القول إن العشرة الزوجية فعلا تزيل العديد من الحواجز بين الرجل والمرأة كما تدفعهما إلى الإفصاح عن مكنوناتهما.
هل الصراحة بين الزوجين يمكن أن تشمل كل الأسرار بينهما، أم أن هناك جانبا يمكن غض الطرف عنه؟
هناك أشياء ليست بالضرورة أن يكشفها كل واحد للآخر، داخل مؤسسة الزواج، فمثلا ماضي الشريك ليس ضروريا أن نعرفه بكافة تفاصيله ودقائقه، وهذه المسألة مستحيلة حتى بالنسبة إلى الفرد نفسه، إذ هناك آليات لاشعورية مزود بها تجعله يرمي إلى غياهب النسيان بعض الأشياء والحقائق التي يود أن يقطع معها، كما أن الأسرار بين الزوجين تبدأ من لحظة ارتباطهما، فإذا كانت هناك محاسبة أو عتاب بين الطرفين فيجب أن تنطلق منذ هذه اللحظة، إضافة إلى أن هناك أسرارا خاصة يمكن لكل فرد أن يحتفظ بها لنفسه مثلا الأسرار المهنية، أو مثلا بالنسبة للمرأة بعض الشؤون الخاصة ومحادثاتها مع صديقاتها في شؤون نسائية محضة ليس بالضرورة أن يكون الزوج على علم بها، كما أن من شأن بعض السلوكات التي يقدم عليها أحد طرفي العلاقة الزوجية أن تؤدي إلى نسف هذه الأخيرة، مثل التلصص والرغبة في معرفة أشياء دقيقة عن الآخر مثلا الاطلاع على هاتفه المحمول، وما يحتويه من أسرار ومعلومات، دون علم الطرف الآخر، أو التجسس المرضي ودون سبب أساسي، لأن من شأن مثل هاته السلوكات أن تحفر قبر العلاقة بين الزوجين.
وماذا عن أسرار الأبناء، البالغين خصوصا، وآبائهم، وهل من حق الطرف الثاني أن يطلع على أسرار الطرف الأول أم يجب تنشئة الأطفال على بناء عالم خاص بهم؟
بالنسبة إلى الأبناء لا يتعلق الأمر بمعرفة دقائق أسرارهم بقدر ما يتعلق بمصاحبتهم ومساعدتهم على اجتياز مراحل عمرية معينة لضمان الاستقلال المعنوي والمادي، فمثلا هناك مراحل عمرية معينة لا يمكن أن نعرف فيها حقيقة الابن (ة) خاصة بعد مرحلة البلوغ. فمن الأفضل تنشئة الأبناء على الثقة التي تدفعهم إلى الإفصاح عن بعض أسرارهم للوالدين بكل تلقائية وعفوية بغرض الاستشارة.