كثيراً ما نضع حواجز نصنعها بأنفسنا فتحول بيننا وبين فئات من الناس ، أو
بين مجالات وميادين يمكن أن يكون لها أثر بالغ ، فتعوقنا عنها هذه الحواجز التي
صنعناها بأنفسنا .
وتأثير هذه الحواجز لا يقف عند مجرد التعويق عن العمل ، بل إننا حين
نعمل ونحن نعيش تحت وطأة هذه الحواجز فإننا نعمل بروح منهزمة تنتظر
الإخفاق , وفرص النجاح للذين يعملون بهذه النفسية أقل بكثير ممن يعمل وهو
ينتظر النجاح , فالأول لا يؤدي العمل كما ينبغي ، ولا يضع النجاح الذي
يتحقق في إطاره الطبيعي ، ويُحمِّل نفسه تبعات الإخفاق الذي لا يتحمله ، بل هو
نتاج عوامل خارجة عن إرادته:
ومن هذه الحواجز المصطنعة : تقويمنا للناس
فقد نصدر أحكاماً قاسية على بعض الناس ،
ونقف موقف الرفض والقطيعة لكل من تعارضنا معه حول فكرة
او تصرف او تصور , وقد يكون لدى هؤلاء خير كثير ، وبيننا وبينهم قواسم
مشتركة فنخسرهم لأجل هذا التقويم الخاطئ .
ومن ذلك : الخوف من الإخفاق
فكثير منا يسيطر عليه الشعور بالإخفاق قبل
أن يبدأ في العمل ، وتسبق احتمالات الإخفاق لديه احتمالات النجاح ، وهذا الحاجز
يعوق عن أعمال كثيرة طموحة ومنجزة ، وحين يندفع صاحبه للعمل فإنه يعمل
بروح محبَطة ، والمحبَطون قلما ينجحون .
ومن الحواجز النفسية : تضخيم الأعداء
إما بالمبالغة في تصوير قدراتهم
وإمكاناتهم ، أو النظرة إليهم على أنهم ليس لهم شأن ولا أمر يشغلهم سوى الكيد
والتآمر علينا نحن ، وقد أثبتت الوقائع القديمة والمعاصرة أن قدرة هؤلاء محدودة ،
ولم يفلحوا في مواقف وتجارب عدة ، وهذا حين ننظر بالحسابات المادية القريبة ؛
فكيف حين نضع في حسابنا أن قدرة الله فوق كل شيء ، وأنه لا غالب لأمره ولا
راد لقضائه ؟
ومن الحواجز النفسية : احتقار الذات
وإعطاء النفس أقل من حجمها ، سواء على المستوى الشخصي والفردي ،
أو على مستوى قدرات وإمكانات المجتمع ؛
فنحن في كثير من المواقف نُهوِّن من الإماكانات المتاحة لنا ، ونقلل من مساحات
التأثير التي نستطيع التحرك من خلالها ، وهذا لا بد أن يترك أثره على تخطيطنا
وممارستنا .
ومن الحواجز النفسية : الأوهام
التي تسيطر على بعضنا فتعوقنا كثيراً ، أو تحبط كثيراً من المشروعات الطموحة .
إن اعتدالنا في الحديث عن المشكلات وتصويرها بحجمها الطبيعي ، وعدم
الخلط بين التواضع واحتقار الذات ، وسيطرة روح التفاؤل والإقدام ، والتفريق
بين تقويمنا لأنفسنا وما ينبغي أن نكون عليه وبين تقويمنا للآخرين ..
إن هذه الأمور مما يعين على تجاوز هذه الحواجز وتخطي هذه العقبات .
ولنتذكر دوماً أن المتشائمين لا يعملون ، وإن عملوا فعطاؤهم محدود ، وأننا
لن نخسر شيئاً بالتفاؤل المتزن غير المتهور