الصفر حكاية. وحكايته تعتمد على أين يقف، موقعه من الأشياء، موقفه.
جاءني صفر صغير السن وقال لي:
ياعمو. أنا صفر صغير السن. تجربتي في الحياة صفر، وأريدك أن تنصحني.
انتبه
يا ولد لموقعك بين الأعداد.. لا تقف في الخلفية، أو تسر متأخرًا عن الموكب
تتقدمك كل الأعداد، ساعتها ستكون بلا قيمة.. «صفرًا على الشمال».. إن
طرحوك من خمسة تظل الخمسة هي الخمسة لم تزد، ولم تنقص، وإن جمعوك مع سبعة
وسألوا السبعة هل انضم لكم أحد، سيجيبون بمنتهى الثقة: نحن سبعة، كنا
سبعة.. وسنظل سبعة...
فماذا إذا قسموني على سبعة؟
تظل صفرًا.
وإذا قسموا السبعة عليَّ؟
يظلون سبعة.
فإذا ضربوني.
حتى إذا أرادوا أن يضربوك فلن يستطيعوا.
لماذا؟
لأنك لا شيء.. لا أحد.. هل رأيت من قبل رجلاً يضرب شبحًا؟
حضرتك لم تفهمني.. كنت أقصد ماذا لو ضربوني في سبعة؟
تظل صفرًا كما أنت.
ولماذا لا أكون سبعة أصفار؟
سبعة أصفار تساوي صفرًا.. مليون صفر تساوي صفرًا.. شعب من الأصفار يساوون صفرًا.
لهذه الدرجة يا عمو أنا لا شيء؟
هذا يتوقف عليك.
كيف؟! أرجوك ساعدني، أريد أن أكون شيئًا.
تستطيع أن تكون أشياء كثيرة. ملايين الأشياء.
حيرتني يا عمو.. لا أستطيع أن أفهمك.. اشرح لي من فضلك بما يناسب سني.
إذا
كنت نشيطًا، وحرصت دائمًا على أن تكون في طليعة موكب الأعداد، أو على
الأقل في منتصفه، فستكون ذا قيمة كبيرة.. تزيد كلما زاد نشاطك فكنت أكثر
تقدمًا.
هذا كلام صعب!
ببساطة: أربعة أعداد مرسومة بالطباشير تسير
على سبورة سوداء.. من اليسار نحو اليمين، مثلاً: 3-2-1-7، ومع هذه الأعداد
الأربعة يسير صفر.. انظر ماذا تكون قيمتك يا بطل..
لنقل إن ترتيب
الأعداد في السباق كان وسيظل كما كتبناه: 3-2-1-7، وإنك أنت الصفر الذي
يشترك في السباق.. إن كنت في خلفية المتسابقين؛ يعني الأخير فأنت بلا قيمة،
وإن صرت رابعًا؛ أي بعد السبعة تكون معها رقمًا لا بأس به على الإطلاق
(70)، فإذا كنت أكثر همة وصرت الثالث في الترتيب، وخلفك الواحد والسبعة
فإنك تصنع معهما رقمًا كبيرًا، وتصير من علية الأرقام (710)، أما إن تفوقت
على نفسك، وصرت الثاني في الترتيب فإن كل ما وراءك يضاف إلى قمتك، وإذا بك
«ألفير» على وزن مليونير؛ لأن قيمتك في بورصة الأرقام (7120)، وبالطبع إن
كسبت السباق فإنك من أصحاب عشرات الآلاف.. هل رأيت كيف يمكن للاجتهاد
والإصرار والهمة أن يرفع صفرًا من لا شيء إلى عشرات آلاف الأشياء.. وطبعًا
إذا كان في ظهرك أعداد تتضاعف
قيمتك فتصير مليونيرًا فلميارديرًا. وهكذا، والأمر كله يعتمد على شطارتك.
هذا درس رابع.. عظيم.. ممتاز.
شكرًا يا عمو.. سأذهب لأبحث لي عن عدد.