إن
الحياء من أقوى البواعث على الاتصاف بما هو حسن واجتناب ما هو قبيح. وإذا
تخلق به المرء سارع إلى مكارم الأخلاق ونأى عن رذائل الصفات وكان سلوكه
سلوكاً نظيفاً مهذباً. فلا يكذب في القول ولا تطاوعه نفسه في اقتراف الإثم
ولا تطارده الميول الفاسدة ولا يستبد به الهوى** أو** تتغلب** عليه**
نزعات** الشيطان**. والحياء بهذا المعنى
هو الذي عناه الرسول صلوات الله وسلامه عليه وهو يحض صحابته على الاستمساك
بعروته بقوله: (استحي من الله استحياءك من ذي الهيبة من قومك) والاستحياء
من الله بيّنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (استحوا من الله حق
الحياء ) قالوا: يا نبي الله، إننا لنستحى والحمد لله. قال: (ليس ذلك ولكن
الاستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس وما وعى، وتحفظ البطن وما حوى
وتذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا فمن فعل ذلك فقد
استحيا من الله حق الحياء) فالحديث يشير إلى أن الحياء ليس هو التغير
والان**ار الذي يعتري الإنسان من خوف ما يذم عليه ولكن الحياء يتمثل فى
أمور: حفظ الحواس من السمع والبصر واللسان من أن تأتى منكراً أو تفعل ما
تذم عليه، وحفظ البطن من الشراهة وكثرة تناول الطعام وحفظها من أكل ما حرم
الله وحفظ الفرج من الزنا والرفث وترك ما حرم الله من زينة الدنيا فهذا هو
الحياء الكامل الذي يريده الله للناس والإنسان إذا تحلى به يبلغ نهاية
الكمال وإذا تخلى عنه سارع إلى الشر وسمج وجهه فلا يبالى بالشتم ولا الصخب
ولا الغدر ولا بارتكاب أي محظور (إذا لم تستح فاصنع ماشئت)