بسم الله والحمد لله وأفضل الصﻼة والسﻼم على رسول الله وآله وصحبه ومن واﻻه .
ثمَّ أمَّا بعد : فلقد اختار الله نبيُّه الخاتم , واصطفاه وفضله على خلقه , وكفاه , و أعطاه فأجزل له العطاء حتى رضي . قال تعالى : {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} [1]
وهذه جملة يسيرة من عطايا الله عز وجلَّ لنبيه صلى الله عليه وسلم ساقها إلينا خاتم المرسلين وسيد الخلق أجمعين :
- فعن جابر بن عبد الله اﻷنصاري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أُعْطِيْتُ خمساً لم يعطهن أحد قبلي نُصِرْتُ بالرعب مسيرة شهر وجُعِلَت لي اﻷرض مسجداً وطهوراً فأيما رجل من أمتي أدركته الصﻼة فليصل وأُحِلَّت لي المغانم ولم تحل ﻷحد قبلي و أُعْطِيْتُ الشفاعة وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبُعِثْتُ إلى الناس عامة . [2]
- وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فضلت على اﻷنبياء بست أُعْطِيْتُ جوامع الكلم ونُصِرْتُ بالرعب وأُحِلَّت لي الغنائم وجُعِلَت لي اﻷرض طهورا ومسجدا وأُرْسِلْتُ إلى الخلق كافة وخُتِمَ بي النبيون .[3]
أُعْطِيْتُ جوامع الكلم : قال الهروي : يعني به القرآن جمع الله تعالى في اﻷلفاظ اليسيرة منه المعاني الكثيرة , وكﻼمه صلى الله عليه وسلم كان بالجوامع قليل اللفظ كثير المعاني.
- عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يوماً فصلى على أهل أُحُد صﻼته على الميت ثم انصرف إلى المنبر فقال إني فَرْطٌ لكم وأنا شهيد عليكم وإني والله ﻷنظر إلى حوضي اﻵن وإني قد أُعْطِيْتُ مفاتيح خزائن اﻷرض أو مفاتيح اﻷرض وإني والله ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي ولكن أخاف عليكم أن تتنافسوا فيها .[4]
إني فَرْطٌ لكم : سابقكم ﻷهييء لكم طيب المنزل والمقام , أُعْطِيْتُ مفاتيح خزائن اﻷرض : وفي هذا الحديث معجزات لرسول الله صلى الله عليه وسلم فإن معناه اﻹخبار بأن أمته تملك خزائن اﻷرض وقد وقع ذلك وأنها ﻻ ترتد جملة وقد عصمها الله تعالى من ذلك , تنافسوا فيها : أي تتنازعوا وتختصموا على الدنيا وما فيها من ملك وخزائن من المنافسة وهي الرغبة في الشيء واﻻنفراد به .
- وعن أنس بن مالك قال : بينما ذات يوم بين أظهرنا يريد النبي صلى الله عليه وسلم إذ أغفى إغفاءة ثم رفع رأسه متبسماً فقلنا له ما أضحكك يا رسول الله قال : نزلت علي آنفا سورة : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ *فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ *إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ}[5]
ثم قال هل تدرون ما الكوثر قلنا الله ورسوله أعلم قال : فإنه نهر وعدنيه ربي في الجنة آنيته أكثر من عدد الكواكب ترده علي أمتي فيُخْتَلَج العبد منهم فأقول يا رب إنه من أمتي فيقول لي إنك ﻻ تدري ما أحدث بعدك . [6]
فيُخْتَلَج العبد :ورد في النهاية : يُنتَزع ويُحتََزُ .
- وعن ثوبان قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن الله عز و جل زوى لي اﻷرض أو قال إن ربي زوى لي اﻷرض فرأيت مشارقها ومغاربها وإن ملك أمتي سيبلغ ما زوى لي منها وأني أُعْطِيْتُ الكنزين اﻷحمر واﻷبيض وإني سألت ربي ﻷمتي أن ﻻ يهلكوا بسَنَةٍ بعامة وﻻ يُسَلِّطُ عليهم عدواً من سوى أنفسهم يستبيح بيضتهم وان ربي عز و جل قال يا محمد إني إذا قضيت قضاء فإنه ﻻ يرد وإني أعطيتك ﻷمَّتك أن ﻻ أهلكهم بسنة بعامة وﻻ أسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم يستبيح بيضتهم ولو اجتمع عليهم من بين أقطارها أو قال من بأقطارها حتى يكون بعضهم يسبى بعضا وإنما أخاف على أمتي اﻷئمة المضلين وإذا وضع في أمتي السيف لم يرفع عنهم إلى يوم القيامة وﻻ تقوم الساعة حتى يلحق قبائل من أمتي بالمشركين حتى تعبد قبائل من أمتي اﻷوثان وانه سيكون في أمتي كذابون ثﻼثون كلهم يزعم أنه نبي وأنا خاتم النبيين ﻻ نبي بعدي وﻻ تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين ﻻ يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله عز و جل . [7]
- وعن واثلة بن اﻷسقع أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : أُعْطِيْت مكان التوراة السَّبْعَ و أُعْطِيْت مكان الزبور الْمَئِينَ و أُعْطِيْت مكان اﻹنجيل الْمَثَانِيَ وفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ.[8]
السَّبْعَ : السور السبع الطوال , الْمَئِينَ : السور التي زادت آياتها عن مئيتين , الْمَثَانِيَ : قيل سورة الفاتحة , بِالْمُفَصَّلِ :السور التي عدد آياتها قليل وهي السُّبع اﻷخير من القرآن .
فهذا من بعض ما أعطاه ربه فأرضاه فكيف بنا ونحن من اتبعنا دينه فحريٌّ بنا أن يلقانا عند الحوض وهو راض عنَّا