الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبى بعده محمد واله وصحبه . اما بعد ..
فمن المعلوم ان شريعة الاسلام قد جاءت بحفظ الضروريات الخمس وحرمت الاعتداء عليها وهى الدين والنفس والمال والعرض والعقل .
ولا يختلف المسلمون فى تحريم الاعتداء على الانفس المعصومة والانفس المعصومة فى دين الاسلام اما ان تكون مسلمة فلا يجوز بحال الاعتداء على النفس المسلمة وقتلها بغير حق ومن فعل ذلك فقد ارتكب كبيرة من كبائر الذنوب العظام يقول الله تعالى // ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه واعد له عذاباً عظيماً //.
ويقول سبحانه // من اجل ذلك كتبنا على بنى اسرائيل انه من قتل نفساً بغير نفس او فساد فى الارض فكانما قتل الناس جميعا .. الاية //
قال مجاهد رحمه الله // فى الاثم وهذا يدل على عظم قتل النفس بغير حق.
ويقول النبى صلى الله عليه وسلم // لا يحل دم امرئ مسلم يشهد ان لا اله الا الله وانى رسول الله الا باحدى ثلاث النفس بالنفس والثيب الزانى والمارق من الدين التارك للجماعة // متفق عليه وهذا لفظ البخارى ويقول النبى صلى الله عليه وسلم // امرت ان اقاتل الناس حتى يشهدوا ان لا اله الا الله وان محمداً رسول الله ويقيموا الصلاة
ويؤتوا الزكاة فاذا فعلوا ذلك عصموا منى دماءهم واموالهم الا بحق الاسلام وحسابهم على الله // متفق عليه من حديث ابن عمر رضى الله عنهما .
وفى سنن النسائى عن عبدالله بن عمرو رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال // لزوال الدنيا اهون عند الله من قتل رجل مسلم //.
ونظر ابن عمر رضى الله عنهما يوماً الى البيت او الى الكعبة فقال // ما اعظمك واعظم حرمتك والمؤمن اعظم حرمة عند الله منك //.
كل هذه الادلة وغيرها كثير تدل على عظم حرمة دم المرء المسلم وتحريم قتله لاى سبب من الاسباب الا ما دلت عليه النصوص الشرعية فلا يحل لاحد ان يعتدى على مسلم بغير حق يقول اسامة بن زيد رضى الله عنهما ..
بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الى الحرقة فصبحنا القوم فهزمناهم ولحقت انا ورجل من الانصار رجلاً منهم فلما غشيناه قال لا اله الا الله فكف الانصارى فطعنته برمحى حتى قتلته فلما قدمنا بلغ النبى صلى الله عليه وسلم فقال يا اسامة اقتلته بعدما قال لا اله الا الله // قلت كان متعوذاً فما زال يكررها حتى تمنيت انى لم اكن اسلمت
قبل ذلك اليوم متفق عليه وهذا لفظ البخارى .
وهذا يدل اعظم الدلالة على حرمة الدماء فهذا رجل مشرك وهم مجاهدون فى ساحة القتال لما ظفروا به وتمكنوا منه نطق بالتوحيد فتاول اسامة رضى الله عنه قتله على انه ما قالها الا ليكفوا عن قتله ولم يقبل النبى صلى الله عليه وسلم عذره وتاويله وهذا من اعظم ما يدل على حرمة دماء المسلمين وعظيم جرم من يتعرض لها .
وكما ان دماء المسلمين محرمة فان اموالهم محرمة محترمة بقول النبى صلى الله عليه وسلم // ان دماءكم واموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا فى شهركم هذا فى بلدكم هذا // اخرجه مسلم وهذا الكلام قاله النبى صلى الله عليه وسلم فى خطبة يوم عرفة واخرج البخارى ومسلم نحوه فى خطبة يوم النحر .
وبما سبق يتبين تحريم قتل النفس المعصومة بغير حق . ومن الانفس المعصومة فى الاسلام .. انفس المعاهدين واهل الذمة والمستامنين فعن عبدالله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم قال // من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة وان ريحها توجد من مسيرة اربعين عاماً // اخرجه البخارى .
ومن ادخله ولى الامر المسلم بعقد امان وعهد فان نفسه وماله معصوم لا يجوز التعرض له ومن قتله فانه كما قال النبى صلى الله عليه وسلم // لم يرح رائحة الجنة // وهذا وعيد شديد لمن تعرض للمعاهدين
ومعلوم ان اهل الاسلام ذمتهم واحدة يقول النبى صلى الله عليه وسلم // المؤمنون تتكافا دماؤهم ويسعى بذمتهم ادناهم //.
ولما اجارت ام هانئ رضى الله عنها رجلاً مشركاً عام الفتح واراد على بن ابى طالب رضى الله عنه ان يقتله ذهبت للنبى صلى الله عليه وسلم فاخبرته فقال صلى الله عليه وسلم // قد اجرنا من اجرت يا ام هانئ // اخرجه البخارى ومسلم .
والمقصود ان من دخل بعقد امان او بعهد من ولى الامر لمصلحة راها فلا يجوز التعرض له ولا الاعتداء لا على نفسه ولا ماله . ومن قتل نفسه بتفجيرها فهو داخل فى عموم قول النبى صلى الله عليه وسلم // من قتل نفسه بشيء فى الدنيا عذب به يوم القيامة // اخرجه ابو عوانه فى مستخرجه من حديث ثابت بن الضحاك رضى الله عنه .
وفى صحيح مسلم من حديث ابى هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم // من قتل نفسه بحديدة فحديدته فى يده يتوجا بها فى بطنه فى نار جهنم خالداً مخلدا فيها ابداًُ ومن شرب سماً فقتل نفسه فهو يتحساه فى نار جهنم خالداً مخلداُ فيها ابدا ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى فى نار جهنم خالداً مخلدا فيها ابداً / وهو
فى البخارى بنحوه .
ثم ليعلم الجميع ان الامة الاسلامية اليوم تعانى من تسلط الاعداء عليها من كل جانب وهم يفرحون بالذرائع التى تبرر لهم التسلط على اهل الاسلام واذلالهم واستغلال خيراتهم فمن اعانهم فى مقصدهم وفتح على المسلمين وبلاد الاسلام ثغراً لهم فقد اعان على انتقاص المسلمين والتسلط على بلادهم وهذا من اعظم الجرم .
لذلك يجب العناية بالعلم الشرعى المؤصل من الكتاب والسنة كما انه تجب العناية بالامر بالمعروف والنهى عن المنكر والتواصى على الحق فان الحاجة بل الضرورة داعية اليه الان اكثر من اى وقت مضى وعلى شباب المسلمين احسان الظن بعلمائهم والتلقى عنهم وليعلموا ان مما يسعى اليه اعداء الدين الوقيعة بين شباب الامة
وعلمائها وبينهم وبين حكامهم حتى تضعف شوكتهم وتسهل السيطرة عليهم فالواجب التنبه لهذا .
يقول الله تعالى: {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما}.
ويقول سبحانه: {ولا تقتلوا النفس الني حرم الله إلا بالحق} .
ويقول عز وجل: {والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس الني حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا إلا من تاب وامن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما }.
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (( اجتنبوا السبع الموبقات قيل يا رسول الله وما هن قال الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق..)) الحديث أخرجه البخاري ومسلم.
ويقول صلى الله عليه وسلم: (( أول ما يقضي بين الناس يوم القيامة في الدماء )) أخرجه البخاري ومسلم.
ويقول صلى الله عليه وسلم : (( لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراماً )) قال ابن عمر رضي الله عنهما: من ورطات الأمور التي لا مخرج منها لمن أوقع نفسه فيها سفك الدم الحرام بغير حله )) أخرجه البخاري.
ويقول صلى الله عليه وسلم : (( كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا الرجل يموت مشركا أو يقتل مؤمنا متعمدا )).
ويقول صلى الله عليه وسلم : (( من قتل مؤمنا فاغتبط بقتله لم يقبل الله منه صرفا ولا عدلا )).
ويقول صلى الله عليه وسلم : (( لو أن أهل السماء وأهل الأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله في النار )).
ويقول صلى الله عليه وسلم وهو يطوف بالكعبة : (( ما أطيبك وما أطيب ريحك ما أعظمك وما أعظم حرمتك والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن عند الله أعظم حرمة منك ماله ودمه وأن تظن به إلا خيرا )).
ويقول صلى الله عليه وسلم : (( لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم )).
ويقول صلى الله عليه وسلم : (( يأتي المقتول متعلقا رأسه بإحدى يديه متلببا قاتله باليد الأخرى تشخب أوداجه دما حتى يأتي به العرش فيقول المقتول لرب العالمين.. هذا قتلني. فيقول الله للقاتل.. تعست ويذهب به إلى النار )).
وقد أجمع المسلمون إجماعا قطعيا على عصمة دم المسلم وتحريم قتله بغير حق وهذا مما يعلم من دين الإسلام بالضرورة.
ومما سبق من النصوص الثابتة الصريحة يتضح عدة أمور أهمها:
أولاً - تحريم قتل المسلم بغير حق وأنه من أكبر الكبائر.
ثانياً - أن النبي صلى الله عليه وسلم جعله قريناً للشرك في عدم مغفرة الله لمن فعله.
ثالثاً - أن من قتل مسلماً متعمداً فقد توعده الله بالغضب واللعنة والعذاب الأليم والخلود في النار.
رابعاً - أن الدم الحرام هو أول المظالم التي تقضى بين العباد وحصول الخزي يوم القيامة لمن قتل مسلماً بغير حق.
خامساً - أن قتل المسلم بغير حق من أعظم الورطات التي لا مخرج منها.
سادساً - عظم حرمة المسلم حتى إنه أعظم حرمة من الكعبة بل زوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم. سابعاً - أن الإعانة أو الإشارة أو تسهيل قتل رجل مسلم كلها اشتراك في قتله وهؤلاء جميعا متوعدون بأن يكبهم الله في النار حتى لو اشترك في ذلك أهل السماء والأرض لعظم حرمة دم المسلم.
ثامناً - أن من فرح بقتل رجل مسلم بغير حق لم يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً.
تاسعاً - أن قتل المسلم من أعظم ما يرضي عدو الله إبليس عليه لعنة الله.
هذا كله في قتل المسلم بغير حق فكيف إذا انضم إلى ذلك تفجير الممتلكات وترويع الآمنين من المسلمين والانتحار وغير ذلك من كبائر الذنوب الني لا يقدم عليها إلا من طمس الله على بصيرته وزين له سوء عمله فراه حسنا كما قال تعالى: {قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا}.
ويقول عز وجل: {ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد}.