في غِمار الحراك السِّياسي والجماهيري الَّذي تشْهَده بعضُ البلاد العربيَّة في الآونة الأخيرة تثور دَعوى عريضةٌ يحمل رايتَها العلمانيُّون والليبراليُّون ومَن لفَّ لفَّهم وسلك مسلَكهم، يقولون: "تطالبون بتطبيقِ الشَّريعة؟ تهتفون وترفعون الشِّعاراتِ للمطالبة بها؟ فماذا تعنون بذلك؟ ومَن قال: إنَّ الشَّريعة غير موجودةٍ؟ وهل نحن كفَّار حتَّى تنادوا بعودةِ الإسلام للحُكم؟ فالشَّريعة موجودةٌ ولا خوفَ عليها مِن شيءٍ، ولا أحدَ يهاجم الإسلام، ويمكن لأيِّ مسلمٍ أن يقومَ بواجباته الشَّرعيَّة دون أيِّ مضايقةٍ! بل إنَّ هناك مادةً في الدُّستور تقول: "الإسلام هو دِين الدَّولة، والشريعة الإسلاميَّة هي المصدر الرَّئيسي في التَّشريع"، حسنٌ إذًا، فالشَّريعة موجودةٌ ولا خوفَ عليها؛ فلماذا تطالبون بها؟! أم هو مجرَّد شعار حماسيّ لا مضمونَ له ترفعه الحركاتُ الإسلاميَّة، وتضحَك على الشُّعوب المشتاقة للعدْل بعدَ عهود الظُّلم والاستبداد؛ كي تصلَ إلى سدَّة الحُكم"؟!
هذه وغيرها مِن الدَّعاوى يطرحها العلمانيُّون؛ تلبيسًا على النَّاس، وإيهامًا لهم بأنَّ الشَّريعة مطبَّقةٌ، وأنَّ زوال الحكَّام المستبدِّين وتطبيق نِظام ديمقراطي يضمنُ الحريَّاتِ والعدالةَ والمساواةَ هو ذاته تطبيقُ الشَّريعة؛ لأنَّ الشَّريعة تدعو لنفس المبادئ الَّتي تَضمَنها الدِّيمقراطيَّة، ولا خوفَ على الشَّريعة حينئذٍ!
وكَذَبوا واللهِ! وفي مقالنا هذا سنحاول -بعونِ الله تعالى- أن نبيِّن أهمَّ الأسس والمعالِم لحقيقة "تحكيم الشَّريعة"، ووضعها موضعَ التَّنفيذ، وما يَعنيه ذلك في حقيقةِ الواقع، إذ أسهم طولُ العهد الَّذي نُحيِّت فيه شريعة الله عن الحُكم بإيجاد صعوبة في تصوُّر معنى تطبيقِ الشَّريعة عندَ الكثير منَ المسلمين.
وقبل أن نعرِض الأسس العريضة لمعنَى تحكيم الشَّريعة نحبُّ أن نقول كلمة موجزةً عن الحدود؛ إذ يعتقد الكثيرُ مِن النَّاس أنَّ تحكيم الشَّريعة يعني مجرَّد إقامةِ الحدود المعطَّلة في بلاد المسلمين منذُ عقود طويلة، والحدود مِن ضمن معاني تحكيمِ الشَّريعة، فهي أحكامٌ شرعيَّة ثابتة لا تُلغى بتغيُّر الزَّمان وتبدُّل المكان، تقوم الدَّولة بتنفيذها، ولكنَّها ليستْ هي كلُّ معنى "تحكيم الشَّريعة"! وإنْ أردنا التَّمثيلَ: فلو شبَّهنا الشَّريعة ببستانٍ كبيرٍ، فإنَّ الحدود سياج هذا البستان، ولا يُقال لمن نَصَبَ سياجًا حولَ بقعةٍ صحراويَّةٍ قاحلةٍ: إنَّه أقام بستانًا! ولذلك فإنَّ نموذج بعضِ الدُّول الَّتي تُقيم الحدودَ ولا تُطبِّق معنى الشَّريعة الحقيقي في سائرِ الشُّؤون هو نموذج يحبُّ العلمانيُّون إظهارَه للتَّدليل على أنَّ تطبيق الشَّريعة ليس هو ذلك الشَّيء الجذَّاب، ولا هو بجالِبٍ للعدل والحريَّة إلى بلادِنا!
بعدَ هذه المقدِّمة الضَّروريَّة حول الموضوع، نتساءل مجدَّدا: ماذا يعني تحكيمُ الشَّريعة؟
سأتحدَّثُ عن أربعة أُسسٍ لمعنى إقامة شَرْع الله في الأرض؛ حتَّى يتَّضح الفارقُ الضَّخم بين ما يصوِّره هؤلاء العلمانيُّون مِن تلبيسٍ في قضية تَطبيق الشَّريعة، وبيْن حقيقة هذا التَّطبيق، بل بيْن ما يَدْعُون إليه من مبادئَ وأفكارٍ ونُظم للحُكم، وبين أُسس النِّظام السِّياسي في الإسلام.
تحكيم الشَّريعة معناه: التَّشريع حقّ الله الخالص:
حين يُقام شرعُ الله، فإنُّه يتمُّ كفُّ البشَر عنِ التَّشريع بعضهم لبعضٍ، "وجعل التَّشريع حقًّا خالصًا لله -سبحانه وتعالى-، هو الَّذي يَشرَع، وهو الَّذي يضَع المعايير، وهو الَّذي يُحدِّد للبشر ما يجوز لهم وما لا يجوز، بحُكم كونه -سبحانه وتعالى- هو الخالق، وهو الرَّزَّاق ذو القوَّة المتين، وهو الحكيمُ العليم، وهو الغنيّ، وهو اللطيف الخبير... إلى آخِر ما يتفرَّد به الله مِن الصِّفات"[1].
يقول الله -سبحانه وتعالى-:
{أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ}
[الأعراف: 54]، وفي ذلك يختلف النِّظامُ الإسلامي عن الأنظمةِ الوضعيَّة في الأرض جميعًا؛ إذ يقوم البشرُ بمهمَّة التَّشريع بشكلٍ جماعيٍّ (كما في الدِّيمقراطية)، أو بشكلٍ فرديٍّ (كما في الدّكتاتوريَّة)[2]، وحين يكون التَّشريع حقًّا خالصًا لله فإنَّه لن يكونَ هناك مصلحةٌ لمجموعةٍ مِن البشر على حسابِ مجموعة أخرى في هذا التَّشريع، ولن يشوبَه عيوبُ "الجهل" و"الهوى" كما تشوب هذه العيوبُ كلَّ تشريعٍ بشريٍّ؛ لأنَّ الإنسان حين يضَع منهجًا لحياته منفردًا دون استرشادٍ بوحيٍ ربَّانيٍّ، فإنَّه بالضَّرورة "جاهل" لا يُدرك كلَّ جوانب الجزئيَّة الَّتي يضَع لها المنهج وارتباطاتها، وصاحِب "هوى" يَميل إلى تحقيقِ رَغباته وأهوائه ومصالحه مِن هذا التَّشريع، مهما زعَم مِن نزاهةٍ وعدَالةٍ!
تحكيم الشَّريعة معناه:التزام الحاكِم والمحكوم بما أنْزَل الله:
يقول -تعالى-:
{ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَىٰ شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}
[الجاثية: 18].
فالحاكِم والمحكوم مُلزَمان باتِّباع شريعة الله -سبحانه وتعالى-:
{إِنَّ اللَّـهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ إِنَّ اللَّـهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ ۗ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ﴿58﴾ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّـهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا}
[النِّساء: 58- 59].
الحاكِم مأمورٌ بتطبيقِ شرْع الله في المحكومين؛ أي: بوضعه موضعَ التَّنفيذ وبالعدل المطلوبِ منه، والمحكوم مأمورٌ بطاعة هذا الحاكِم فيما يُطيع الله ورسولَه -صلَّى الله عليه وسلَّم-.
وفي العَلاقة بيْن الحاكم والمحكوم يتفوَّق النِّظامُ الإسلامي بدرجاتٍ على النِّظام الدِّيمقراطي، الَّذي يجعل مِن محاسبة الحكام "حقًّا" يُعطَى للأمَّة، فجعل الإسلامُ محاسبةَ الحكَّام إنْ خالفوا شرْع الله (الدُّستور أو القانون الأساسي) "واجبًا" على الأمَّة، وليس مجرَّد حقٍّ لها! واجبًا تتعبَّد بالقيام به تُجاهَ الحاكم.
«إنَّه يُستعمَل عليكم أُمراء . فتَعرِفون وتُنكِرون، فمن كرِه فقد برِئ. ومَن أنكر فقد سَلِم. ولكن من رَضِي وتابع»
أي: مَن رضي عن منكرِهم وتابعَهم فيه دون إنكارٍ عليهم فلا بَرِئ ولا سَلِم؛ والحديث رواه مسلم 1854.
وهنا يَتجلَّى دَور ما يمكن تسميتُه "بالسُّلطة الرَّقابيَّة" الَّتي يتميَّز بها النِّظام الإسلامي بشكلٍ واضحٍ، فاستقراء الممارسة الرَّاشِدة في عهدِ الخلفاء الرَّاشدين يُطلعنا على الكثيرِ مِن المواقف الَّتي مارَس بها الصَّحابةُ دَورَ هذه السُّلطة الَّتي تأطر الحاكمَ على الحقِّ وتُدخِل الأمَّة في تطبيق أحدِ أهمِّ أسس النِّظام الإسلامي، وهو "مشاركة الأمَّة".
تحكيم الشَّريعة معناه: مشاركة الأمَّة:
تَتحقَّق مشاركةُ الأمَّة في النِّظام الإسلامي عن طريقِ الشُّورى الملزِمة لأهلِ الحَلِّ والعَقد، ويكون دورهم تحقيقَ مصالح الأمَّة بمختلف الطُّرق؛ سواء كان ذلك بممارساتِ الحِسبة أو الشُّورى أو العَزل، أو غيرها مما يُحقِّق مصالح الأمَّة، ويَضمن حقوقَها في إقامةِ شَرْع الله والعدْل مِن قِبل الحاكم، وتتحقَّق كذلك عن طريقِ الشُّورى الملزِمة لأهل النَّظر والاجتهاد فيما ليس فيه نصٌّ ولا إجماع[3].
ونقيض "المشاركة" للأمَّة هو "الاستبداد"، وهو مؤدٍّ لا محالةَ إلى اللامبالاة وفقدان الانتماء وعدَم التَّفاعُل مع الأوضاع العامَّة والاهتمام بها؛ ولذلك كان التَّركيزُ الشَّديد في النُّصوص القرآنيَّة والأحاديث الشَّريفة، وفي السِّيرة النَّبويَّة على مفهومِ "الشُّورى" ومشارَكة الأمَّة في الأوضاع العامَّة، ممَّا ظهر جليًّا في الخِلافة الرَّاشدة مع نماذجَ كثيرة ناصعة، ولكنَّ المشاركة وحدَها لا تكون على الوجه المطلوب دون وجودِ عنصر هامٍّ جدًّا في النَّظام الإسلامي، هذا العنصر هو "الهُويَّة".
تحكيم الشَّريعة معناه: هُويَّة تجمع الأمَّة:
الهُويَّة الإسلاميَّة للأمَّة والاجتماع عليها أحدُ أهمِّ أسس النِّظام الإسلامي؛
{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّـهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}
[آل عمران: 103].
هُويَّةٌ واضحةٌ ناصِعةٌ لا تشترك مع غيرِها من الهويَّات في استقطابِ الأمَّة، فتتوحَّد وجهتها ويتعزَّز انتماؤها، وحين يكون النِّظام الحاكِم ذا هُويَّةٍ إسلاميَّةٍ أصيلةٍ يتعزَّز انتماؤه للأمَّة وانتماء الأمَّة له؛ لأنَّ الهويَّة الإسلاميَّة هي الهويَّة الأصيلة لهذه الأمَّة مُذ وُلِدت؛ ولأنَّها هي الَّتي حفِظتِ الأمَّة من الاغتراب الشَّامل عنِ الأوضاع العامَّة لقرونٍ طويلةٍ، وحالة التَّلاحُم والفاعليَّة الَّتي تنشئها الهُويَّةُ الإسلاميَّة المشتركة بيْن الأمَّة والنِّظام الَّذي يحكمها، لا يستطيع إنشاءَها أيُّ نظام آخَر يحمل هويَّةً دخيلة على الأمَّة؛ ولهذا فَشِلَتِ التَّجربة "القوميَّة" في تحقيقِ النَّهضة لهذه الأمَّة، وفشِلتِ المدنيَّات ذات الهُويَّة "الوطنية" في القضاء على حالة "الاغتراب" الَّتي تُعاني منها الأمَّة الإسلاميَّة في هذه البلدان؛ لأنَّها تُحدِث فراغًا اجتماعيًّا ينشأ بسببِ اعتلاء هُويَّاتٍ دخيلةٍ على كيان الأمَّة، ممَّا يعزل الفردَ عن الهموم العامَّة ويحصره في همومِه الذَّاتيَّة؛ لأنَّ الهُويَّة الدَّخيلة لا تحقِّق ذلك الاستقطابَ والجذْب الَّذي تحقِّقه الهُويَّةُ الإسلاميَّة، والَّتي هي الهُويَّة الأصيلة لهذه الأمَّة.
وحين يكون النِّظام السَّياسي قائمًا على: الاجتماع على الإسلام والانتساب إلى الشَّرْع، تتحقَّق -أوَّلًا- شرعيَّة هذا النِّظام؛ إذ لا شرعيَّةَ دون اجتماعٍ على الإسلام، فلا شرعيَّةَ للأوضاع القوميَّة والوطنيَّة القائمة في بلادِ المسلمين؛ يقول
الإمامُ الشَّاطبي
في "الاعتصام" معرِّفًا بمفهوم "الجماعة" الشَّرعي، والَّتي هي جماعةُ التَّمكين:"الجماعةُ راجعةٌ إلى الاجتماع على الإمام الموافِق للكتاب والسُّنَّة، فما كان خارجًا عن السُّنة -كالخوارج والرَّوافض، وما جرَى مجراهم- فلا يدخُل في وصْف الجماعة"، فلئن خرجتِ الفرق الخارجة عن السُّنَّة والمنتسبة إلى الشَّرْع في المجمل مِن مفهوم الجماعة الشَّرْعي، فإنَّه أحرى بالكيانات العلمانيَّة ذات الهويَّات الوطنيَّة والقوميَّة أن تخرُج من هذا المفهوم الشَّرعي للجَماعة!
وتَتحقَّق -ثانيًا- بالهويَّة الإسلاميَّة الأصيلة للنِّظام الحاكم نجاعةُ "المشاركة" الَّتي تمارسها الأمَّة في الحُكم وفاعليَّتها؛ إذ المشاركة المنتمية انتماءَ الأصالة أكثرُ فاعليَّةً وأقوى مِن المشاركة الَّتي تفتقد إلى عنصر الانتماء، وبذلك يتَّضح الفرْقُ الهائل بيْن اصطباغ النِّظام بالهويَّة الإسلاميَّة، تحقيقًا لا إيهامًا، وبين اصطباغه بالهوياتِ المستوردة الدَّخيلة على كيانِ الأمَّة.
تلك أُسس أربعة للنِّظام السِّياسي الإسلامي، ولمعنَى "تحكيم الشَّريعة" في حقيقةِ الواقع، لا كما يُريد العلمانيُّون أنْ يُصوِّروا لنا تطبيقَ الشَّريعة وكأنَّه شيءٌ مبهَم لا حقيقةَ واضحة له تارَة، أو أنَّه مجرَّد تطبيق شكْلي للحدود دون وجودِ منظومة تحكُم علاقةَ الحاكم بالمحكوم، وتَضبط سياساتِ الدَّولة الدَّاخليَّة والخارجيَّة تارةً أخرى.
ويَصعُب حصْر كلِّ معاني تطبيق الشَّريعة في هذا المقام، ولكنَّني أقول: إنَّ كلَّ جزئيَّة مِن جزئيَّات الحياة البشريَّة يَنبغي أن تنضبطَ بضوابطِ الشَّريعة، وذلك هو مقتضى الإيمان بالله الواحِد، وإلاَّ فلا إيمانَ إن نحَّيْنا شريعةَ الله عن الحُكم واستبدَلْنا بها شرائعَ ودساتير جاهليَّة مِن وضْع البشر لنتحاكم إليها، وإنَّما الواجِب هو التَّسليم بحُكم الله -تعالى- والقِيام بتطبيقه في كلِّ ما يشجر بيْن النَّاس، سواء في الحياة العامَّة أو في الحياة الخاصَّة، وهذا هو المعنى الحقيقي لتطبيقِ الشَّريعة؛
{فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}
[النِّساء: 65].
اللهمَّ إنَّا نسألكَ أن تأذنَ لشرعِكَ أن يحكُم، ولدِينك أن يسُود.
_______________
[1] "هذا هو الإسلام"، محمَّد قطب، (ص: 35).
[2] يُظهر العلمانيون دومًا النَّظام الدّكتاتوري وجهًا مقابلاً للنِّظام الدِّيمقراطي كحتميَّةٍ واجِبةِ الحدوث، فإمَّا أن يكونَ النِّظام ديمقراطيًّا أو سيكون دكتاتوريًّا بالضَّرورة! والحقيقة أنَّ ذلك في عالم الجاهلية، فإذا ما ترَكْنا هذه الأفكار والنُّظم والمبادِئ الجاهليَّة وارتفعْنا إلى قمَّة الإسلام، وجدْنا أنَّ دين الله هو الوجهُ المقابل لكلِّ هذه الأنظمة الوضعيَّة المنحرِفة عن المنهج الربَّاني، فهو المقابل للدِّيمقراطيَّة بسوءاتها، وهو المقابِل للدّكتاتوريَّة كذلك!
[3] الشُّورى ملزمة بغالبية الآراء، ودليل إلْزامها نصوص القرآن والحديث، وكذلك من السِّيرة النَّبويَّة والممارسة الرَّاشِدة للحُكم بعد ذلك.