الوسائل التي تعين على الثبات على الدين خاصة زمن الفتن نوعان :
الأولى :
وسائل تزيد من الإيمان واليقين ، وهي التي تحض على الطاعة ، وتدفع إلى العمل الصالح ، وبها يتذوق العبد طعم الإيمان .
ومنها : طلب الهداية إلى صراط الله المستقيم ، والمسلم في كل صلاة لا بد أن يدعو فيها : (اهدنا الصراط المستقيم) .
عن شداد بن أوس رضي الله عنه قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه سلم : (
يا شداد بن أوس إذا رأيت الناس قد اكتنزوا الذهب والفضة فاكنز هؤلاء
الكلمات : اللهم إني أسألك الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد ، وأسألك
موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك ... ) الحديث وصححه الألباني
ومنها :
الاستقامة على دين الله تعالى ، وعدم التفريط في شيء منه ، قال الله تعالى :
( وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا
السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ
لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) الأنعام
وقال تعالى : ( يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ) إبراهيم
قال قتادة : " أما الحياة الدنيا فيثبتهم بالخير والعمل الصالح ، ( وَفِي الآخِرَةِ ) في القبر " . "تفسير ابن كثير" )
ومنها : التمسك بالسنة ، الحديث : (عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ
الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا
عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّ
كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ)
ومنها : كثرة ذكر الله .
قال ابن عباس رضي الله عنه : " الشيطان جاثم على قلب ابن آدم ، فإذا سها ، وغفل وسوس، وإذا ذكر الله خنس " .
راجع : "تفسير الطبري" )
النوع الثاني :
وسائل تعصم من الوقوع في الفتن .
منها : الصبر على أمر الله ، الحديث : (إن من ورائكم أيام الصبر ، الصبر
فيه مثل قبض على الجمر ، للعامل فيهم مثل أجر خمسين رجلا يعملون مثل عمله)
قيل : يا رسول الله أجر خمسين منهم ؟ قال : (أجر خمسين منكم) . وصححه
الألباني
ومنها : الاستعاذة بالله من الفتن ما ظهر منها
وما بطن ، الحديث الصحيح (تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن)
فقالوا : نعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن .
ومنها : مراقبة الله عز وجل وحفظه .
(احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْكَ ، احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ) وصححه الألباني
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
"(احفظ الله يحفظك) جملة تدل على أن الإنسان كلما حفظ دين الله حفظه الله .
ولكن حفظه في ماذا ؟ حفظه في بدنه ، وحفظه في ماله ، وأهله ، وفي دينه ،
وهذا أهم الأشياء وهو أن يسلمك من الزيغ والضلال ، لأن الإنسان كلما اهتدى
زاده الله هدى (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ
تَقْواهُمْ) وكلما ضل والعياذ بالله فإنه يزداد ضلالا " .
ومنها : مصاحبة الصالحين من المؤمنين ، وترك مصاحبة من عداهم من المفتونين .
الحديث : (المؤمن مرآة المؤمن ، والمؤمن أخو المؤمن ، يكف عليه ضيعته ويحوطه من ورائه) وحسنه الألباني
(يكف عليه ضيعته) أي : يمنع خسارته .
(ويحوطه من ورائه) أي : يحفظه ويصونه ، ويدافع عنه بقدر استطاعته .
الحديث: (الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل) وحسنه الألباني " .
ومن أعظم ما يُنتفع به من عوامل الثبات على الدين : عدم التعرض للفتن ،
والسعي في توقّيها بالبعد عنها وعن أسبابها ، فيصفو الحال للقلب ، فيتذوق
طعم الإيمان ، وقد جاء في حديث الدجال قوله صلى الله عليه وسلم : (مَنْ
سَمِعَ بِالدَّجَّالِ فَلْيَنْأَ عَنْهُ ، فَوَاللَّهِ إِنَّ الرَّجُلَ
لَيَأْتِيهِ وَهُوَ يَحْسِبُ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ فَيَتَّبِعُهُ مِمَّا
يَبْعَثُ بِهِ مِنْ الشُّبُهَاتِ) صححه الألباني