حنة امرأة عمران
حنة امرأة عمران
مرأة أشار إليها القرآن الكريم مرة واحدة، وبصفتها "امرأة عمران"، وردت في قوله تعالى: ((إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ )) ( آل عمران 35)
فمن هي "امرأة عمران"، وما قصة نذرها؟
امرأة عمران هي حنـة
وجذور المسألة تمتد إلى المرأة الصالحة حنّانه وأختها حنّة.. و قد تزوج النبي الكريم زكريا من حنانة وتزوج الرجل الصالح عمران من حنة ولم يرزقا أولاداً مدة من الزمن وبعد فترة طويلة من الحياة السعيدة المشوبة بالأسى والحزن من ناحية عدم الإنجاب حملت (حنة) من زوجها عمران لتلد وليداً تنتظره طويلاً وإذ هي حامل وعمران يشكر الله سبحانه على هذا العطاء أراده أن تقابل هذا الإحسان بشيءٍ من الشكر فنذرت أن يكون هذا الوليد محرّراً أي وقفاً للخدمة في بيت المقدس ولكن شاء الله سبحانه أن تضع أنثى ومن الصعوبة أن تطبق نذرها حيث أن للأنثى ظروفها المانعة من تحقيق هذا النذر الذي يستوجب البقاء في بيت المقدس والخدمة الدائمة والعبادة المستمرة وهي لا تناسب وضعية المرأة ((إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ )) ( آل عمران 35 ) المهم أنها ولدت أنثى وسمتها مريم ومعناها العابدة (( فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ )) ( آل عمران 36 )
وبالفعل إنها لمسيرة صعبة تنتظرها و(حنة) هذه الأم الحنون لا تعلم دور مريم وما تلاقيه في المستقبل من مجتمعها حينما تضع عيسى ابن مريم من دون أب وهي لا تدري ماذا يكمن لها الغيب؟ هذا وإنها كانت تعاني من أزمة نفسية وخصوصاً أنها بدأت تقاوم وتتحدى الأمور الصعبة لوحدها حيث توفي زوجها الصالح قبل ولادة مريم .
وهذه المرأة الصالحة (حنة) نفذّت النذر المقدس فحملت مريم في قماطها وجاءت بها إلى بيت القدس ودفعتها إلى الرهان والعُباد وأخبرتهم بأمرها - بأنها نذر وهي بنت عمران صديقكم - فرحّبوا بالطفلة مريم واختلفوا في أمر كفالتها ورضاعتها وكان (زكريا) (عليه السلام) زوج حنانة أُخت حنة أحدهم فأراد أخذها بأنه أقرب الناس بها صلة حيث زوجته خالة مريم، أُخت أُمها حنّة فرفض الأحبار اقتراح زكريا فقرّروا الاقتراع ففاز النبي زكريا (عليه السلام) بكفالتها.
يقول الله العظيم في كتابه العزيز: (( وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ )) سورة آل عمران 44
فتربت في بيت زكريا يقول سبحانه: ((فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا )) ( آل عمران 37 ).
فكبرت وترعرعت عند زكريا فخصص لها غرفة عالية لغرض عبادتها وانقطاعها لربها وكانت في غرفة منعزلة من الصعوبة الوصول إليها وكان زكريا يعتني بها كثيراً ودخل عليها ذات مرة وإذ به يجد لديها فواكه متعددة وطعاماً لذيذاً تحيّر من الأمر وكانت تشتد حيرته حينما يرى فواكه الصيف في الشتاء وبالعكس كلما دخل عليها في محرابها. لذلك يقول القرآن العظيم:
((كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَاب )) ( آل عمران 3