هناك اعتقاد بأنَّ مَن يَشعر بِطَنينٍ في أذُنِه اليمنى فإنَّ أحدًا ما يَذكره بِخَير، وإذا شعر بالشُّعور نفسه في أذُنِه اليُسرى فإنَّ أحدًا ما يَذكره بسوء، وكذلك حينما ترفُّ العين اليسرى فإنه سيرى شيئًا سيِّئًا (فأل شَر)، فهل هناك دليلٌ من القرآن أو السُّنة بصِحَّة ذلك، أو أنه ما جرى على ألْسِنة العامَّة، وأن ذلك كلام مبتدَعٌ غير صحيح؟
قد ترفُّ عين شخص يومًا، فتدخل في نفسه الهواجِسُ عمَّا إن كانت هذه الرفَّةُ نذيرَ خيرٍ، أم شُؤْم، إلاَّ أن شريحة كبيرة من الناس لا يعتقدون بِهذه الأشياء، على عكس غيرهم مِمَّن يعتقدون اعتقادًا كاملاً بدلائل هذه الاختِلاجات.
بدايةً: لا علاقة بين رفَّة العين وفأل الشر، بل هذا من التَّشاؤُم الذي يَجِب على المُسلم الحذَرُ منه؛ فإنَّه مِن أفعال الجاهليَّة، وقد ثبت عنه - عليه الصَّلاة والسَّلام - أنه نَهى عن التطيُّر، وأخبَر أنه من الشِّرك الأصغر، المُنافي لكمال التوحيد الواجب؛ لِكَون الطيرة من إلقاء الشَّيطان وتخويفه ووسوسته، والمراد بالتطيُّر أو الطِّيَرة هو: (التَّشاؤُم بِمَرئِيٍّ أو مسموعٍ أو معلوم)، وقد جاء نَهْيُه - صلَّى الله عليه وسلَّم - عنها في غيرِ ما حديثٍ؛ فمن ذلك:
حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - : ((لا عَدْوى ولا طِيَرَة))؛ رواه البخاريُّ (5757) ومسلم (102).
• وما رواه أبو داود (3910) والترمذيُّ (1614) وصحَّحه، عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: "قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - : ((الطيرة شِرْك، الطِّيرة شرك))، وما منَّا إلاَّ....، ولكن الله يُذْهِبه بالتوكُّل".
وقوله: "وما منا إلاَّ..." إلخ، من كلام ابن مسعود، وليس من كلام النبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ومعناه: ما منَّا من أحدٍ إلاَّ وقد يقع في قلبه شيءٌ من الطِّيَرة والتشاؤم، إلاَّ أن الله تعالى يذهب ذلك من القلب بالتوكُّل عليه، وتفويض الأمر إليه.
• وما جاء أيضًا من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - : ((لا عدوى ولا طيرة، ويُعجِبُني الفأل))، قالوا: وما الفأل؟ قال: ((الكلمة الطيِّبة))؛ رواه البخاريُّ (5756) ومسلم (2220).
فهذه الأحاديث صريحةٌ في تحريم التَّشاؤُم والتحذير منه؛ لِما فيه من تعلُّق القلب بغير الله تعالى، ولأنَّ كل مَن اعتقد أنَّ بعض الأشياء قد تتسبَّب في نفعه أو ضره، والله لَم يجعلها سببًا لذلك؛ فقد وقع في الشِّرك الأصغر، وفتح للشيطان بابًا لتخويفه وإيذائه في نفسه وبدنه وماله، ولذا نفاها الشَّارعُ وأبطلها، وأخبر أنَّه لا تأثير لها في جلبِ نفعٍ أو دفعِ ضرٍّ.
فإذا علمتَ ذلك - وفَّقَك الله - ووقع لك شيءٌ من ذلك فعليك أن تتَّقِي الله، وأن تتوكَّل عليه و تستعين به، ولا تلتفت إلى هذه الخواطر السيِّئة والأوهام الباطلة، وقد أرشدنا الرسولُ - صلَّى الله عليه وسلَّم - إلى علاج التشاؤم، وذلك فيما أخرجه الإمام أحمد في "مسنده" (2 / 220) وصحَّحه الألبانِيُّ في "الصحيحة" (1065) من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - قال: مَن ردَّتْه الطيرةُ عن حاجته فقد أشرك"، قالوا: وما كفَّارة ذلك؟ قال: "أن تقول: اللهم لا خير إلا خيرك، ولا طير إلاَّ طيرك، ولا إله غَيْرُك".
فلا ينبغي للمؤمن أن يكون متشائمًا، بل عليه أن يكون دائمًا متفائلاً، حَسَنَ الظنِّ بربِّه، فإذا سمع شيئًا، أو رأى أمرًا؛ ترقَّب منه الخير؛ وإن كان ظاهِرُه على خلاف ذلك، فيكون مؤمِّلاً للخير من ربِّه في جميع أحواله، وهذه حالُ المؤمن؛ فإنَّ أمره كلَّه له خير، كما قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((عجبًا لأمر المؤمن، إنَّ أمره كله خيرٌ، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن؛ إن أصابَتْه سرَّاءُ شكَر، فكان خيرًا له، وإن أصابته ضرَّاءُ صبَر، فكان خيرًا له))؛ "صحيح مسلم" (2999).
وبهذا يكون المؤمنُ دائمًا في حالٍ من الرِّضا والطُّمأنينة والتوكُّل على الله، وبُعْدٍ عن الهموم والأحزان التي يوسوس له بها الشيطانُ الذي يحبُّ أن يُحزِن الذين آمنوا، وهو لا يقدر على أن يضرَّهم بشيء، نسأل الله لنا ولك السلامة من كلِّ مكروه، والله تعالى أعلم.
(فتاوى الشيخ ابن عثيمين 2 / 210)؛ الإسلام سؤال وجواب.
وقد فسَّر النبِيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - الفأل بالكلمة الصالِحة، والحسَنة، والطيِّبة.
قال العلماء: يكون الفألُ فيما يسرُّ وفيما يسوء، والغالب في السُّرور، والطِّيَرة لا تكون إلاَّ فيما يسوء، قالوا: وقد يُستعمل مَجازًا في السرور.
قال العلماء: وإنَّما أَحبَّ الفأل؛ لأنَّ الإنسان إذا أمَّل فائدة الله تعالى وفضْلَه عند سببٍ قويٍّ أو ضعيفٍ، فهو على خيرٍ في الحال، وإن غَلط في جهة الرَّجاء، فالرجاء له خير، وأما إذا قطع رجاءه وأمَلَه من الله تعالى، فإنَّ ذلك شرٌّ له، والطِّيَرة فيها سوء الظَّن وتوقُّعُ البلاء، ومن أمثال التفاؤل أن يكون له مريضٌ، فيتفاءل بِما يسمعه فيسمع مَن يقول: يا سالِم، أو يكون طالب حاجة، فيسمع من يقول: يا واجد، فيقع في قلبه رجاءُ البُرْء أو الوجدان، والله أعلم"؛ انتهى كلام النوويِّ - رحمه الله - هذا عن النقطة الأولى.
رفة العين أو تشنج العين أو نفضان الجفن (Haemefacial Spasm):
سؤال يخطر على البال أحيانًا: لماذا ترف العين أحيانًا؟
تعتبر ظاهرة رف الجفون مشكلةً شائعة، وهي عادةً تصيب عينًا واحدة، ولكنها أحيانًا تطرأ في العينين معًا، وهي تنجم عن انقباض لا إراديٍّ للعضلة الدائرية التي تحيط بالعين.
كذلك يَعتبر الطبُّ أنَّ استمرار رمش الجفون لمدة ساعات، أو حتى عدة أيام، أمرًا طبيعيًّا، وهو يظهر عند أشخاص متعافين كليًّا.
لكن هذه الحالة تزداد إجمالاً عند الذين يُمارسون نشاطًا جسديًّا مُفْرِطًا، أو يعانون من الإرهاق ونقص النَّوم والإجهاد، والذين يبالغون في استهلاك الكافيين.
وقد تطرأ هذه الحالة أيضًا بعد عملية جراحيَّة للعين.
تختفي هذه الظاهرة عادةً من تلقاء نفسها من دون أيِّ علاج مع أخذ قسطٍ كافٍ من النَّوم، والتخفيف من الكافيين والابتعاد عن الإجهاد.
أمَّا إذا استمرَّت على قاعدة يوميَّة لِمُدَّة شهرين أو أكثر، فيُمكن إيقافها بواسطة عقار خفيف مضادٍّ للانقباض، يَصِفُه الطَّبيب، أو بواسطة حقنة في مُحيط العين من مادة توكسين الـ Botulinum المعروفة تحت اسم بوتوكس من قِبَل مختص في أمراض العيون، أمَّا إذا امتدَّ الانقباض إلى عضلات أخرى من الوجه، فهو يستدعي استشارة طبِّية؛ للتأكُّد من الأسباب.
التفسير العلميُّ لأسباب رفة العين:
تأتي رفة العين نتيجةَ اضطراب العصب المغذِّي لعضلات الجسم، ويَحدث هذا الاضطرابُ لأسبابٍ كثيرة؛ على رأسها التوتُّر العصبي الزائد، والحساسية لطبقات العين المختلفة، ومِن ضمن هذه الأسبابِ الزيادةُ في تناول المشروبات التي تحتوي على مادة الكافيين؛ كالقهوة، والشاي، والمشروبات الغازيَّة.
كما تَحدث رفة العين نتيجةَ وجود عيبٍ من عيوب الإبصار، مثل: قِصَر النظر، وطول النظر، أو نتيجة الاستجماتيزم.
أيضًا يُمكن حدوث رفة العين مع التركيز الشديد، خاصَّة في الأشياء القريبة؛ كاستخدام أجهزة الكمبيوتر أو القراءة، وذلك دون إعطاء فترة راحةٍ للعين.
وينصح للمريض الذي يعاني من رفة العين استشارةُ الطبيب، خاصَّة إذا استمرَّت فترةً طويلة حيث يَستطيع الطبيبُ استبعاد الأمراض العضويَّة، مثل: حساسية العين، وجفاف العين، وعيوب الإبصار.
علاج رفة العين:
• لعلاج هذه الحالة لا بدَّ من تقليل المشروبات المُحتوية على الكافيين، وتقليل التوتر العصبي، ولا يُنصَح باستخدام أدوية، إلاَّ في الحالات المرَضيَّة التي تؤدِّي إلى انغلاق العين بحيث يَحدث تشنُّج في عضلات الجفون، مِمَّا يؤدِّي إلى انغلاق العين، وتأثُّر الرؤية، وفي هذه الحالة قد يلزم حقن الجفون بمادة البوتكس، أو إجراء جراحات مُختلفة للجفون في الحالات الشديدة.
• تذكَّر أنَّ السهر والإرهاق هُما عَدُوَّا عينيك الحقيقيَّان؛ لذلك لا تُجْهِد عينيك بالانْهِماك في القراءة، أو الرسم، أو مشاهدة برامج التلفزيون، أو العمل على جهاز الحاسب الآلي، أو استخدام شبكة الإنترنت… إلخ لفترة طويلة؛ لأن هذا يضرُّ العين ويسبِّب إجهادها
• أعطِ جِسمَك القسط الكافي من الرَّاحة والنوم.
• ضرورة الإكثار من أكل الفاكهة والخَضروات الطَّازجة، ومنتجات الألبان والأسماك؛ لأنَّ مِثل هذه المأكولات لها فائدةٌ عظيمة في المُحافظة على سلامة العينين وحياتِهما.
• الخلاصة أنَّه لا يوجد تفسيرٌ طبِّي للربط بين رفة العين وحدوث شيءٍ مستقبَلي، ولكن قد يكون هذا الارتباطُ نتيجةَ التوتُّر العصبِيِّ الذي يُعاني منه هذا المريض.
[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]