عندما
شاهدت صور الأسترالى نيكولاس فوجسيك ،ذلك الرجل الذى ولد بلا قدمين أو
يدين، ورأيت ابتسامته التى لا تفارق ثغره،والإيمان الذى يملأ
قلبه،والسعادة التى تغمره دائما.
خجلت من نفسى..
فنحن أصحاب الأيدى ،والأقدام ،ماذا فعلنا بها؟
هل استمتعنا بأيدينا ،وهى تتجول طوال الليل والنهار على قنوات التليفزيون؟
والبعض الاخر استغلها في السرقة واشياء اخرى لا نفع منها
أما
هو فتحول من معاق يشفق عليه الجميع،إلى قائد يلهم الكثيرين. يطوف العالم
ليلقى محاضراته ويعلم الناس معنى الإرادة..التى يعرفها عبر تجربة مر بها
يشاهدها الجميع..
فحقق ما لم يحققه أصحاب الأيدى والأرجل السليمة،فتعلم حتى حصل على الشهادة العلمية فى التخطيط المالى والعقارى.
بل تمكن من العيش ،بشكل طبيعى كغيره ،ومارس العديد من الهوايات الصعبة ،التى يتكاسل أصحاب الأبدان السليمة على ممارستها.
وها هو اليوم يؤكد لنا ،إننا نحن فقط القادرون على إسعاد أنفسنا.
فالسعادة تتفجر من الإيمان كما يتفجر الماء من الصخر نقيا عذبا..لكننا نتركه ونستقى من الغدران الآسنة ،والسواقى العكرة.
فعندما يصاب أحدنا بصداع أو مغص،أو بوجع ضرس،نجد الدنيا سوداء مظلمة..وتجدنا ساخطين على قدرنا الذى اختارنا دون غيرنا.
ولكن
هذا غير حقيقى..فلكل منا مصائبه الخاصة..ولكن هناك من يتقبلها،ويحول نقاط
ضعفه إلى نقاط قوة ليسعد بها..وهناك من يجلس يشكو ويجلب الهم والغم إلى
نفسه،ولمن حوله..
فكن كـ(بسمارك ) رجل الدم
والحديد،وعبقرى الحرب والسلم ،الذى لم يكن يصبر على التدخين دقيقة واحدة،
فإذا لم يجد سجائره ،يتكدر يومه،ويساء تدبيره.
وجاء يوما
فى حرب،فلم يجد معه إلا سيجارة واحدة،فقرر أن يؤخرها إلى اللحظة التى يشتد
عليه فيها الضيق ،فمر أسبوعا كاملا دون أن يدخنها،فلما رأى ذلك ترك
التدخين،وانصرف عنه ؛لأنه رفض أن تكون سعادته مرهونة بسيجارة واحدة.
وأنت أيضا لديك سيجارتك الخاصة بك..فعليك أن تتركها..وتمزقها
وإذا تركتها..ومزقتها ..وقتها ستعرف كم أنت محظوظا وسعيدا..بنعم الله عليك.
الأمر كله هنا هو الإيمان، فالإيمان’يشبع الجائع،و’يغنى الفقير،و’يسلى المحزون،ويعز الذليل،ويقوى الضعيف،ويجعل للإنسان من وحشته أنسا ،ومن خيبته نجاحا.
فلو أننا عرفنا معنى الإيمان الحقيقى، لعلمنا كما نحن سعداء ولكن لا ندرى.
فنحن سنسعد إذا عرفنا قدر النعم التى نستمتع بها..
سنسعد إذا عرفنا أنفسنا..ولم نخجل منها .. ولا من ضعفنا..
سنسعد إّذا طلبنا السعادة من أنفسنا لا ممن حولنا..
سنسعد إذا كانت أفكارنا دائما مع الله..وسارت إرادتنا مع إرادة الله..
سنسعد إذا شكرنا نعم الله علينا..وصبرنا على البلاء.