السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السيره العطره لامهات المؤمنين
ام المؤمنين خديجه بنت خويلد
صبرها على الشدائد في سبيل الله رضي الله عنها
للسيدة خديجة رضي الله عنها اكبر الفضل في الصبر على المحن و مساندة رسول
الله و مواساته بالمال و الكلمة الطيبة التي تخفف عنه فقاست معه سنوات
الحصار و اقامت ثلاث سنوات في شعب ابي طالب –عندما اعلنت قريش مقاطعتها
للمسلمين-و هي الحسيبة الشريفة و زاد بلائها عدو الله ابو لهب عندما امر
بنيه ان يطلقا ابنتيها
كرمها و برها رضي الله عنها
شاء الله تعالى ان تكتمل فضائل امنا السيدة خديجة رضي الله عنها فكانت
مثالا للكرم و البر و كانت تبر من يحبهم رسول الله صلى الله عليه و سلم فقد
أصابت الناس سنة جدب بعد زواجها من رسول الله صلى الله عليه و سلم و في
هذه السنة جاءت حليمة السعدية زائرة فعادت من عنده و معها من مال الطاهره
السيدة خديجة بعير يحمل الماء و اربعون رأسا من الغنم ووصل بر السيدة خديجة
الى ابعد من ذلك حيث كانت "ثوبيه" أول مرضعة للرسول صلى الله عليه و سلم
تدخل على النبي الكريم بعد ان تزوج الطاهره فكانت تكرمها و تصلها و فاء و
كرما لزوجها رسول الله صلى الله عليه و سلم و لذلك كان النبي صلى الله عليه
و سلم يجلها و يقدرها
عبادتها رضي الله عنها
مكثت السيدة خديجة رضي الله عنها تصلي مع النبي صلى الله عليه و سلم
الصلاة التي كانت و هي ركعتان في الغداة و ركعتان في العشي و ذلك قبل ان
تفرض لصلوات الخمس في ليلة الاسراء ذكر الامام ابن اسحاق –رحمه الله- قال "
حدثني بعض اخل العلم ان الصلاة حين افترضت على رسول الله صلى الله عليه و
سلم اتاه جبريل و هو باعلى مكة فهمز له بعقبه في ناحية الوادي فانفجرت منه
عين من ماء مزن فتوضأ جبريل و محمد عليهما السلام ثم صلى ركعتين و سجد اربع
سجدات ثم رجع النبي صلى الله عليه و سلم و قد اقر الله عينه و طابت نفسه و
جاءه ما يحبه من الله عز و جل فأخذ بيد خديجة حتى اتى بها العين فتوضأ كما
توضأ جبريل ثم ركع ركعتين و سجد اربع سجدات هو و خديجة ثم كان هو و خديجة
يصليان سرا
حب الرسول صلى الله عليه و سلم لها
و قد احبها رسول الله صلى الله عليه و سلم حبا شديدا بلغ ان غارت منها أم
المؤمنين عائشة رضي الله عنها و هي من هي حظوة عند رسول الله صلى الله عليه
و سلم قالت كان رسول الله صلى الله عليه و سلم لا يكاد يخرج من البيت حتى
يذكر خديجة فيحسن الثناء عليها فذكرها يوما من الايام فادركتني الغيرة فقلت
هل كانت الا عجوزا فقد ابدلك الله خيرا منها فغضب حتى اهتز مقدم شعره من
الغضب ثم قال "لا و الله ما ابدلني الله خيرا منها امنت بي اذ كفر الناس و
صدقتني و كذبني الناس وواستني في مالها اذ حرمني الناس و رزقني الله منها
أولادا اذ حرمني اولاد النساء"لاقالت عائشة فقلت في نفسي لا اذكرها بسيئة
ابدا
و عن عائشة رضي الله عنها ايضا قالت "ما غرت على أحد من نساء
النبي صلى الله عليه و سلم ما غرت على خديجة و ما رأيتها و لكن كان النبي
صلى الله عليه و سلم يكثر من ذكرها و ربما ذبح الشاة ثم يقطعها أعضاء ثم
يبعثها في صدائق خديجة فربما قلت له كأنه لم يكن في الدنيا امراة الا خديجة
؟ فيقول "انها كانت و كانت و كان لي منها ولد" و مما يدل على مكانتها عند
رسول الله صلى الله عليه و سلم انه لم يتزوج غيرها في حياتها و كان يقول
صلى الله عليه و سلم "اني رزقت حبها"
و قد ظل صلى الله عليه و سلم على
وفائه لذكراها و يدل على ذلك ما حدث في غزوة بدر الكبرى اذ أسر أبو العاص
بن ربيع زوج زينب بنت الرسول صلى الله عليه و سلم فأرسلت الوفيه بنت
الطاهره فداء لزوجها ابي العاص و من ضمن الفداء قلادة كانت قلدتها بها
والدتها المعطاءة ليلة زفافها فلما راها رسول الله صلى الله عليه و سلم رق
لها رقة شديدة و تذكر زوجه المباركة الوفية خديجة و قال لأصحابه "ان رأيتم
ان تطلقوا أسيرها و تردوا لهل قلادتها فافعلوا"
و قد قال صلى الله
عليه و سلم "خير نسائها مريم بنت عمران و خير نسائها خديجة" و قال ايضا صلى
الله عليه و سلم "كمل من الرجال كثير و لم يكمل من النساء الا ثلاث مريم
بنت عمران و اسية امرأت فرعون و خديجة بنت خويلد و فضل عائشة على النساء
كفضل الثريد على سائر الطعام"
حبها لرسول الله صلى الله عليه و سلم
ذكر في كتاب نزهة المجالس و منتخب النفائس انه قد ذكر في عقائق الحقائق ان
النبي صلى الله عليه و سلم لما تزوج السيدة خديجة كثر كلام الحساد فيها
فقالوا ان محمدا فقير و قد تزوج بأغنى النساء فكيف رضيت خديجة بفقره؟ فلما
بلغها ذلك أخذتها الغيرة على رسول الله صلى الله عليه و سلم ان يعير بفقره
فدعت رؤساء الحرم و أشهدتهم ان جميع ما تملكه لمحمد صلى الله عليه و سلم
فان رضي بفقري فذلك من كرم أصله فتعجب الناس منها و انقلب القول فقالوا ان
محمدا أمسى من أغنى أهل مكة و خديجة أمست من أفقر اهل مكة فأعجبها ذلك فقال
بما اكافئ خديجة؟ فجاءة جبريل و قال ان الله يقرئك السلام و يقول لك
مكافأتها علينا فانتظر النبي صلى الله عليه و سلم المكافأة فلما كان ليلة
المعراج و دخل الجنة وجد فيها قصرا مد البصر فيه ما لا عين رأت و لا أذن
سمعت و لا خطر على قلب بشر فقال يا جبريل لمن هذا قال لخديجة فقال صلى الله
عليه و سلم هنيئا لها لقد أحسن الله مكافأتها
بشارتها بالجنة و فقهها في الرد
أتى جبريل صلى الله عليه و سلم النبي صلى الله عليه و سلم فقال "أقرئ
خديجة من الله و مني السلام و بشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه و لا
نصب" فقالت "ان الله هو السلام و على جبريل السلام و عليك السلام و رحمة
الله و بركاته" و القصب هو اللؤلؤ المجوف و الصخب هو رفع الصوت و النصب هو
التعب رحمك الله من فقيهه فقد عرقت ان الله لا يليق به ما يليق بخلقه فهو
السلام كما ان السلام هو دعاء بالسلامة فلا يليق بالمولى الا الثناء بما هو
اهله و كذلك من فقهها رد السلام على من بلغه
وفاتها رضي الله عنها
توفيت أمنا خديجة رضي الله عنها في شهر رمضان سنة عشر من النبوة و هي
يومئذ بنت خمس و ستون سنة و دفنت بالحجون و نزل رسول الله صلى الله عليه و
سلم في حفرتها و لم تكن يومئذ سنة الجنازة الصلاة عليها و كان ذلك قبل
الهجرة بنحو ثلاث سنوات و بعد خروج بني هاشم من الشعب بوقت قليل و قد مات
في نفس العام عم الرسول صلى الله عليه و سلم فشق ذلك عليه صلى الله عليه و
سلم و سمي "عام الحزن" و لم يكن ذلك الا لحمايتهما الدعوة و للدور الذي قام
به كل منهما و لم يؤذ رسول الله صلى الله عليه و سلم الا بعد موتهما