الأسد الإنســــــــــــــــــان
ربما البعض منكم يعلم بقصة الأسد الذي اغتال مدربه ((محمد الحلو)) و قتله غدراً في أحد عروض السيرك بالقاهرة و ما نشرته الجرائد بعد ذلك من انتحار الأسد في قفصه بحديقة الحيوان واضعاً نهاية عجيبة لفاجعة مثيرة
من
فواجع هذا الزمان ...
و القصة بدأت أمام جمهور غفير من المشاهدين في السيرك حينما استدار محمد الحلو ليتلقى تصفيق الجمهور الحاضر بعد نمرة ناجحة مع الأسد المسمى ((سلطان)) .. و في لحظة قفز الأسد على كتفه من الخلف و أنشب مخالبه و أسنانه في ظهره .. و سقط المدرب على الأرض ينزف دماً و من فوقه الأسد الهائج .. و اندفع الجمهور و الحراس يحملون الكراسي و هجم ابن الحلو على الأسد بقضيب من حديد وتمكن أن يخلص أباه بعد فوات الأوان ..
ومات الأب في المستشفى بعد ذلك بأيام ..
أما الأسد سلطان فقد أنطوى على نفسه في حالة اكتئاب و رفض الطعام ..
و قرر مدير السيرك نقله إلى حديقة الحيوان باعتباره أسداً شرساً لا يصلح للتدريب ..
و في حديقة الحيوان استمر الأسد سلطان على إضرابه عن الطعام فقدموا له أنثى لتسري عنه فضربها في قسوة و طردها و عاود انطواءه و عزلته و اكتئابه ..
و أخيراً انتابته حالة جنون فراح يعض جسده و هوى على ذيله بأسنانه فقضمه نصفين .. ثم راح يعض ذراعه ، الذراع نفسها التي اغتال بها مدربه ، وراح يأكل منها في وحشية و ظل يأكل من لحمها حتى نزف و مات .. واضعاً بذلك خاتمة لقصة ندم من نوع فريد ... ندم حيوان أعجم و ملك نبيل من ملوك الغاب عرف معنى الوفاء و أصاب منه حظاً لا يصيبه الآدميون ..
أسد قاتل أكل يديه الآثمتين ..
كانت آخر كلمة قالها ((محمد الحلو)) و هو يموت .. أوصيكم أن لا تقتلوا سلطان .. وصية أمانة لا أحد يقتله ..
هل سمع الأسد وصية مدربه ؟ و هل فهمها .. و هل عرف معنى الندم ؟ و هل عاقب نفسه على جريمته ؟
درس بليغ يعطيه حيوان للمسوخ البشرية التي تأكل شعوباً و تقتل ملايين في برود على الموائد الدبلوماسية و هي تقرع الكؤوس و تتبادل الأنخاب و كأنه لا شيء حدث .. و درس للذي يقتل إنساناً بريئاً طمعاً في متاع الدنيا الفاني ثم ينام قرير العينين ..
إني أنحني احتراماً لهذا الأسد الإنسان ...
بل إني لأظلمه و أسبه حين أصفه بالإنسانية ...