الظاهر أن إسرائيل تريد استغلال أن الجبهة السياسية الداخلية في مصر غير مستقرة وتعمل على زعزعة استقرار الجبهة الخارجية بإحراج الرئيس مرسي من خلال هجومها على غزة أمس فهي تقوم بعملية جس نبض للموقف المصري الذي أصبح أمامه أحد خيارين:
فأما الخيار الأول فهو التزام الصمت وغض الطرف عما يحدث هناك مما يعني نجاح إسرائيل تدريجيا في عزل مصر بعد الثورة وتحييد موقفها من غزة وهذا ما ستستغله إسرائيل للقيام بمزيد من العمليات العسكرية ضدها مستقبلا وهم مطمئنون فيما يخص رد الفعل المصري.
وأما الخيار الثاني فهو خيار المواجهة السياسية مع إسرائيل إذا ما أعلن الموقف الرسمي المصري استنكاره لما حدث من هجوم أمس. وهذا ما ستستغله إسرائيل للتدليل على تغير السياسة المصرية تجاهها في عهد الرئيس محمد مرسي وتبنيها للمواجهة السياسية الحقيقية لا المصطنعة كما كان يحدث أيام حكم رجلها مبارك وبهذا تفتح إسرائيل جبهة خارجية غير مستقرة إلى جانب الجبهة الداخلية التي لم تستقر أصلا لإحداث المزيد من الإرباك للرئيس مرسي.
وأنا لا أستبعد أن يكون هذا الذي حدث في غزة أمس قد تم بالتنسيق بين إسرائيل ورجال مبارك وأزلام النظام البائد الذين يسيرون على نهج سيدهم "طريح الفراش" في ولائهم لإسرائيل ويطلبون العون منها بفتح جبهة خارجية جديدة للمواجهة بقصد إرباكه في حين يوظفون هم القضاء والإعلام الفاسدين للعمل على تقويض استقرار الجبهة الداخلية.
وبهذا يكون الرئيس مرسي بين مطرقة الجبهة الداخلية وسندان الجبهة الخارجية. وهذا إن دل على شيئ فإنه يدل على ضرورة إسراع الرئيس مرسي بالقيام بإصلاح وتطهير الجبهة الداخلية المتمثلة في القضاء والإعلام.
فبإحكام السيطرة على الجبهة الداخلية ستتحسن وتستقر إلى حد ما تلقائيا الجبهة الخارجية أما التباطؤ وإهمال إصلاح القضاء والإعلام فليس له من وجهة نظري المتواضعة إلا معنى واحد وهو الفشل والسقوط المحقق. وهذا ما لا أرجوه طبعا لا لمصر ولا للرئيس. فإن كنت أؤيد الرئيس تأييدا حقيقيا لا تطبيلا وتزميرا فأنا له ناصح أمين.
الجبهة الداخلية ثم الجبهة الداخلية ثم الجبهة الداخلية يا سيادة الرئيس!