إن الناس في هذه الدنيا يفرحون لأسباب كثيرة،
فمنهم من يفرح إذا ترقى في وظيفته وعمله،
ومنهم من يفرح إذا جاءته زيادة في راتبه أو ربح في تجارته،
ومنهم من يفرح إذا رزق بمولود...
وكل هذه أسباب مشروعة للفرح إذا لم تؤد إلى أشر أو كبر أو بطر،
لكن أعظم أسباب الفرح عند الصالحين
حين يوفقون في أمر من أمور الآخرة ويزدادون قربا من الله تعالى
بزيادة في علم أو عمل صالح، قال الله تعالى:
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ
وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ *
قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ}
لما قدم خراج العراق إلى عمر بن الخطاب، خرج عمر ومولى له
فجعل عمر يَعدّ الإبل ، فإذا هي أكثر من ذلك ، فجعل عمر يقول :
الحمد لله ، وجعل مولاه يقول : يا أمير المؤمنين هذا من فضل الله ورحمته ،
فبذلك فليفرحوا . فقال عمر : كذبت، ليس هو هذا ،
يقول الله تعالى : ( قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا )
يقول بالهدى والسنة والقرآن فبذلك فليفرحوا
هو خير مما يجمعون ، وهذا مما يجمعون.
هذا هو الفرح الحقيقي
إن الفرح الحقيقي هو الفرح بطاعة الله وبفضله ،
فالفرح بالطاعة، كقدوم رمضان، والحج، بمواسم العبادة،
الفرح بيوم عرفة، الفرح بالأضحية، الفرح بصيام عاشوراء،
الفرح بستة من شوال، الفرح بختم القرآن، الفرح بالتوفيق للصدقة،
الفرح بنصر الله، نسأل الله أن ينصر المسلمين،
والذين يفرحون بمثل هذا ويستقيمون على شرع الله
يرجى أن يفرحوا يوم القيامة بما قدموا من الصالحات:
{ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا *
وَيَنقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا}
فكما فرحوا في الدنيا بطاعة الله تعالى
سيفرحون إن شاء الله بثوابها يوم لا ينفع مال ولا بنون.