هكذا علمنا رحيلهم ..
تلك الأرواح التي فاضت لبارئها
وتلك الأجساد التي حُملت على الأكتاف
لتكرم بالدفن تحت التراب ..
ماذا علمتنا؟!
هل سألنا أنفسنا ماذا علمنا رحيلهم وفقدهم ..!
لحظات أعطتني دروس باقية مدى الحياة..
ﻗبلت جبين عمي قبل رحيله
ﻭﻗﺒّﻠﺖ ﺟﺒﻴﻦ ﺯﻭﺟﺔ ﺃﺑﻲ قبل رحيلها
ﺭﺣﻤﻬﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺟﻤﻴﻌﺎً ﻭﺍﺳﻜﻨﻬﻢ ﻓﺴﻴﺢ ﺟﻨﺎﺗﻪ ..
ﻭﺍﺳﺘﻨﺸﻘﺖ ﺭﺍﺋﺤﺔ ﺍﻟﻜﺎﻓﻮﺭ ﻭﺍﻟﻤﺴﻚ ﻭﺍﻟﺴﺪﺭ
ﻭﻻﻣﺴﺖ ﻛﻔﻮﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻜﻔﻦ ﺍﻻﺑﻴﺾ ..
ﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﺍﺭﻯ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻲ ﻣﻌﺪﺍﺕ ﺍﻟﺠﻨﺎﺯﺓ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻱ
قبل عدة أيام ماضية ..
ﺑﻌﺪ ﺕﺟﻬﻴﺰ ﺯﻭﺝ ﺧﺎﻟﺘﻲ ﺍﺧﺬﻭﺍ ﺍﻟﺠﻨﺎﺯﺓ ﻣﺴﺮﻋﻴﻦ ﻟﺪﻑﻧﻬﺎ
ﻭﺗﺮﻛﻮﺍ ﻓﻲ ﺭﻛﻦ ﺍﻟﺼﺎﻟﺔ ﻛﺎﺭﺗﻮﻥ
ﺍﺧﺬﺕ ﺍﻗﻠﺐ ﻣﺎﻓﻴﻪ ﺑﻜﻴﺖ ﻟﻤﺎ ﺭﺃﻳﺖ
ﺭﺃﻳﺖ ﺍﻟﻜﺎﻓﻮﺭ ﻭﺭﺃﻳﺖ ﻣﺎﺗﺒﻘﻰ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻤﺎﺵ ﺍﻻﺑﻴﺾ ﻭﺭﺃﻳﺖ ﻗﻔﺎﺯﺍﺕ ﺍﻟﻤﻐﺴﻞ
ﻭﺭﺃﻳﺖ ﺍﻟﻤﺴﻚ ﻭﺍﻟﺴﺪﺭ
ﻭﻛﺄﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺮﻣﻘﻨﻲ ﺑﻞ ﺇﻧﻬﺎ ﺗﺴﺄﻟﻨﻲ
ﻣﺎﺫﺍ ﺍﻋﺪﺩﺗﻲ ﻟﻴﻮﻣﻨﺎ ؟!
ﺍﻟﻘﻤﺎﺵ ﺍﻷﺑﻴﺾ ﻱﺳﺄﻟﻨﻲ ﻫﻞ ﺃﻧﺖِ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﻌﺪﺍﺩ ﻝﺃﻟﺘﻒ ﺣﻮﻝ ﺝﺳﺪﻙ
ﻭﺍﻟﻂﻳﺐ ﻭﺍﻟﻤﺴﻚ ﻭﺍﻟﻜﺎﻑﻭﺭ ﻳﺴﺄﻟﻨﻲ ﻛﻴﻒ ﺗﺮﻳﺪﻳﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺣﺎﻟﻚ ﺣﻴﻨﻤﺎ
ﻳﻄﻴﺒﻮﻧﻚ ﺏﻧﺎ ..
ﺍﺧﺬﺕ ﺍﺑﻜﻲ ﻭﺍﺳﺄﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺣﺴﻦ ﺍﻟﺨﺎﺗﻤﺔ
ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻧﻲ ﺇﻻ
( ﻳﺎﺭﺑﻲ ﺍﻧﺎ ﺍﻳﺶ ﻗﺪﻣﺖ ﻝﻗﺒﺮﻱ )
ﺍﺳﺄﻟﻮﺍ ﺍﻧﻔﺴﻜﻢ ﻧﻔﺲ ﺳﺆﺍﻟﻲ
ﻣﺎﺫﺍ ﻗﺪﻣﺖﻡ ﻟﻠﻘﺒﺮ ؟
ﺗﻌﻤﻘﻮﺍ ﻓﻲ ﺍﻋﻤﺎﻟﻜﻢ ﻓﻲ ﺍﻗﻮﺍﻟﻜﻢ
ﻓﺘﺸﻮﺍ ﻫﻞ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻋﻤﻞ ﺍﻭ ﻗﻮﻝ ﺗﺤﺐ ﺃﻥ ﻳﻼﺯﻣﻚ ﻓﻲ ﻗﺒﺮﻙ؟
ﻟﻬﻮﻧﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻛﺜﻴﺮﺍ ﻛﺜﻴﺮﺍ
ﻭ ﺍﺳﺖﺻﻐﺮﻧﺎ ﺫﻧﻮﺑﻨﺎ ﺍﺷﺪ ﺍﺳﺘﺼﻐﺎﺭﺍ
ﺑﻞ ﺃﺻﺒﺢ ﺑﻌﻀﻨﺎ ﻱﻗﻮﻝ
(ﺍﻟﺤﻤﺪﻟﻠﻪ ﺍﻧﺎ ﺍﻫﻮﻥ ﻣﻦ ﻏﻴﺮﻱ ﻏﻴﺮﻱ ﻳﺴﻮﻱ ﻛﺬﺍ ﻭﺍﻧﺎ ﺫﻧﺒﻲ ﻫﻴﻦ ..)
ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻤﺴﺘﻌﺎﻥ ..
ﻏﺎﺏ ﻋﻦ ﺑﺎﻟﻨﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﺤﺼﻲ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺻﻐﻴﺮﻫﺎ ﻭﻛﺒﻴﺮﻫﺎ ..
ﻣﺎﺧﻔﻲ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﻣﺎ ﻇﻬﺮ
ﻟﻮ ﺗﺄﻣﻠﻨﺎ ﻓﻲ ﺃﺣﻮﺍﻝ ﺍﻫﻞ ﺍﻟﻘﺒﻮﺭ ﻭﺍﺧﺬﻧﺎ ﻧﺴﺄﻝ ﺍﻧﻔﺴﻨﺎ
ﻣﺎﺫﺍ ﻳﺘﻤﻨﻮﻥ ؟!
ﻟﻮ ﺭﺟﻊ ﺃﺣﺪﻫﻢ ﻝﺩﻗﻲﻗﺘﻴﻦ ﻣﺎﺫﺍ ﺳﻴﻔﻌﻞ ؟!
ﻳﺘﻤﻨﻰ ﺍﻟﻤﻴﺖ ﺍﻟﻤﻘﺼﺮ ﻟﻮ ﺗﻌﺎﺩ ﻟﻪ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ،
ﻟﻴﺼﻠﻲ ﻭﻟﻮ ﺭﻛﻌﺘﻴﻦ ﺍﺛﻨﺘﻴﻦ ﻓﻘﻂ ،
ﻓﻘﺪ ﺭﻭﻯ ﺃﺑﻮ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﺃﻥ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ
ﻣﺮ ﺑﻘﺒﺮٍ ﻓﻘﺎﻝ :-
(ﻣﻦ ﺻﺎﺣﺐ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺒﺮ؟) ﻓﻘﺎﻟﻮﺍ: ﻓﻼﻥ،
ﻓﻘﺎﻝ: (ﺭﻛﻌﺘﺎﻥ ﺃﺣﺐ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﺑﻘﻴﺔ ﺩﻧﻴﺎﻛﻢ)
ﻭﻓﻲ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ:-
(ﺭﻛﻌﺘﺎﻥ ﺧﻔﻴﻔﺘﺎﻥ ﻣﻤﺎ ﺗﺤﻘﺮﻭﻥ ﻭﺗﻨﻔﻠﻮﻥ، ﻳﺰﻳﺪﻫﺎ ﻫﺬﺍ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻪ،
ﺃﺣﺐ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﺑﻘﻴﺔ ﺩﻧﻴﺎﻛﻢ)
ﻓﻐﺎﻳﺔ ﺃﻣﻨﻴﺔ ﺍﻟﻤﻴﺖ ﺍﻟﻤﻘﺼﺮ ؛
ﺃﻥ ﻳُﻤﺪَّ ﻟﻪ ﻓﻲ ﺃﺟﻠﻪ، ﻟﻴﺮﻛﻊ ﺭﻛﻌﺘﻴﻦ ﻳﺰﻳﺪ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺣﺴﻨﺎﺗﻪ ،
ﻭﻟﻴﺘﺪﺍﺭﻙ ﻣﺎ ﻓﺎﺕ ﻣﻦ ﺃﻳﺎﻡ ﻋﻤﺮﻩ ﻓﻲ ﻏﻴﺮ ﻃﺎﻋﺔ
ﻟﻨﺤﺴﺐ ﺳﻮﻳﺎ ﺍﻋﻤﺎﺭ ﻣﻦ ﺳﺒﻘﻮﻧﺎ
ﻋﺎﺷﻮﺍ ﻓﻮﻕ ﺍﻻﺭﺽ ﺍﻟﺴﺘﻴﻦ ﻭﺍﻟﺴﺐﻋﻴﻦ
ﻭﺑﻘﻮﺍ ﺍﻵﻑ ﺍﻝﺍﻋﻮﺍﻡ ﺗﺤﺘﻬﺎ
ﻓأي اﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﺤﻖ ﺍﻝﻋﻤﻞ ﻣﻦ ﺍﺟﻠﻬﺎ
ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻫﻨﺎ ﺍﻡ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺗﺤﺖ ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ ؟
ﻣﻦ ﻳﻌﻠﻢ ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ ﻓﻠﻴﺴﺮﻉ ﺑﺎﻟﺘﻮﺑﺔ ﻭﻻ ﻳﺴّﻮﻑ ﻭﻟﻴﻌﻤﻞ ﻓﺎﻟﻤﻮﺕ ﻫﺎﺩﻡ ﻟﺬﺍﺕ ﻗﺎﻃﻊ ﺁﻣﺎﻝ
ﻻﻳﻌﺮﻑ ﺍﺳﺘﺌﺬﺍﻥ ﻭﻻ ﺗﻮﻗﻒ ..
فهكذا علمني رحيلهم ..
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﺣﺴﻦ ﺧﺎﺗﻤﺘﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎﺗﺤﺒﻪ ﻭﺗﺮﺿﺎﻩ
..؛