س_ ما هو الشرك ؟ والشرك عرفوه أهل العلم
بتعاريف عديدة منها :
هو دعوة غير الله معه. وأن تجعل لله ندًّا في العبادة وهو
خلقك.
ما الدليل على ذلك؟.
: قوله تعالى:(وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا
تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً)، وقوله تعالى :(فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ
أَنْدَادا).
وقيل أن الشرك: هو تشبيه المخلوق بالخالق عز وجل، وهذا هو التشبيه
فى الحقيقة لا إثبات صفات الكمال التي وصف الله تعالى بها نفسه، ووصفه بها رسول
الله صلى الله عليه وسلّم فعكس من نكس الله قلبه وأعمى عين بصيرته فأركسه بنسبة
الأمر وجعل التوحيد تشبيهاً، والتشبيه تعظيماً وطاعة. فالشرك تشبيه المخلوق بالخالق
في خصائص الإلهية؛ فإن من خصائص الألهية: التفرد بملك الضر والنفع والعطاء والمنع
وذلك يوجب تعلق الدّعاء والخوف والرّجاء والتوكل به وحده. فمن علق ذلك بمخلوق فقد
شبهه بالخالق تعالى، وجعل من لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعا ولا موتا ولا حياة ولا
نشورا فضلا عن غيره شبيها لمن الأمر كله له، فأزمة الأمور كلها بيديه، ومرجعها
إليه. فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن لا مانع لما أعطى ولا معطى لما منع؛ بل إذ فتح
لعبده باب رحمته لم يمسكها أحد وإن أمسكها عنه لم يرسلها إليه أحد. فمن أقبح
التشبيه تشبيه هذا العاجز الفقير بالذات بالقادر الغني بالذات ومن خصائص الإلهية
الكمال المطلق من جميع الوجوه الذي لا نقص فيه بوجه من الوجوه، وذلك يوجب أن تكون
العبادة كلها له وحده والتعظيم والإجلال والخشية والدعاء والرجاء والانابة والتوكل
والاستعانة وغاية الذل مع غاية الحب كل ذلك يجب عقلا وشرعا وفطرة أن يكون لله وحده.
ويمتنع عقلا وشرعا وفطرة أن يكون لغيره. فمن جعل شيئاً من ذلك لغيره فقد شبه ذلك
الغير بمن لا شبيه له ولا مثل له وذلك أقبح التشبيه وأبطله؛ ولشدة قبحه وتضمنه غاية
الظلم أخبر سبحانه عباده أنه لايغفره مع أنه كتب على نفسه الرحمة.
ومن خصائص
الألهية العبودية التي قامت على ساقين لا قوام لها بدونهما: غاية الحب مع غاية الذل
هذا تمام العبودية وتفاوت منازل الخلق فيها بحسب تفاوتهم في هذين الاصلين. فمن أعطى
حبه وذله وخضوعه لغير الله فقد شبهه به في خالص حقه وهذا من المحال أن تجيء به
شريعة من الشرائع وقبحه مستقر في كل فطرة وعقل. ولكن غيرت الشياطين فطر أكثر الخلق
وعقولهم وأفسدتها عليهم واحتالتهم عنها، ومضى على الفطرة الأولى من سبقت له من الله
الحسنى فأرسل إليهم رسله وأنزل عليهم كتبه بما يوافق فطرتهم وعقولهم فازدادوا بذلك
نوراً على نورهم يهدي الله لنوره من يشاء.
قد ذكر العلماء، رحمهم الله : أن
الشرك نوعان، أكبر ؛ وأصغر ؛ فالأكبر : أن يجعل لله نداً من خلقه، يدعوه كما يدعو
الله، ويخافه كما يخاف الله، ويرجوه كما يرجو الله، ويتوكل عليه في الأمور، كما
يتوكل على الله . إلى أن قالوا : وأما الشرك الأصغر : فكيسير الرياء، والحلف بغير
الله، كما ذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من حلف بغير الله فقد أشرك
" ومن ذلك قول الرجل : ما شاء الله وشئت، وهذا من الله ومنك وأنا بالله وبك، ومالي
إلا الله وأنت، وأنا متوكل على الله وعليك، ولولا أنت لم يكن كذا وكذا ؛ وقد ثبت عن
النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال له رجل : ما شاء الله وشئت، فقال : " أجعلتني لله
نداً، قل ما شاء الله وحده " وهذه اللفظة : أخف من غيرها من الألفاظ ؛ وقد يكون هذا
شركاً أكبر، بحسب حال قائله ومقصده ؛ وهذا الذي ذكرنا : متفق عليه بين العلماء -
رحمهم الله تعالى - أنه من الشرك الأصغر، كما أن الذي قبله متفق عليه أنه من الشرك
الأكبر .
وقد بين الله سبحانه وتعالى خطورة الشرك في كتابه العزيز
قال تعالى :( إِنَّ اللَّهَ
لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ
وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا)سورة النساء
وقال
تعالى:( إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ
ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا
(116))سورة النساء
وقال تعالى:(حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ
وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ
الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ)سورة الحج
وقال جل
جلاله:( وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ
أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (65) بَلِ
اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (66) وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ
قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ
مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (67))سورة
الزمر
وقال سبحانه:( قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ
أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ
وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ (6))سورة فصلت
(وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ) أي: دمار
لهم وهلاك عليهم،
وقيل: أي عذاب شديد سيحل بهم لإِغضابهم الرب بمضادته بآلهة
باطلة .
وأما السنة :
عن أبي هريرة رضي الله عنه:عن النبي صلى الله عليه و
سلم قال ( اجتنبوا السبع الموبقات). قالوا يا رسول الله وما هن ؟ قال (الشرك بالله
والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم
الزحف وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات ) متفق عليه
عن أنس بن مالك رضي الله عنه
عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: يقول الله تبارك وتعالى:(لأهون أهل النار عذابا
لو كانت لك الدنيا وما فيها أكنت مفتديا بها ؟ فيقول نعم فيقول قد أردت منك أهون من
هذا وأنت في صلب آدم أن لا تشرك
(أحسبه قال) ولا أدخلك النار فأبيت إلا الشرك)
رواه مسلم
وقوله صلى الله عليه وسلم: " قال الله عز وجل: أنا أغنى الشر كاء عن
الشرك، فمن عمل لي عملا أشرك فيه غيري فأنا منه برئ، وهو للذي أشرك ".
رواه ابن
ماجه في " الزهد " من حديث أبي هريرة واسناده صحيح شرط مسلم، وقد أخرجه في " صحيحه
" (8 / 223)
عن أبي سعيد قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه و سلم ونحن
نتذاكر المسيح الدجال فقال ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال قال
قلنا بلى فقال الشرك الخفي أن يقوم الرجل يصلي فيزين صلاته لما يرى من نظر رجل)
صحيح أبن ماجة وصحيح الترغيب والترهيب
وعن محمود بن لبيد أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال :(إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر قالوا وما الشرك الأصغر يا
رسول الله قال الرياء يقول الله عز وجل إذا جزى الناس بأعمالهم اذهبوا إلى الذين
كنتم تراؤون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاء) رواه أحمد بإسناد جيد وابن أبي
الدنيا والبيهقي في الزهد وغيره وصحيح الترغيب والترهيب