بسم الله الرحمن الرحيم
الام كتلة روح نشأنا في رحمها فمن مضغة الى لحمة الى عظام مكسوة الى عالم و طبيعة , كتلة تجمع فيها كل شيء ,الحنان , الفرح ,الحزن ,الشوق و الحب والعداب , كل ما فيها شربنا منه جرعة , لكن حين غابت عن أعيننا تغير كل شيء تغير المعنى لكلمة الأم و أصبح ( لا أم ) يعني ( ألف لام أم غائبة ) يعني بصريح العبارة ( الفم و أم غائبة ) لم يعد أمامنا شيئا نعانقه ولا شيء نلمسه ولا حتى نسمة نقية نستنشقها , سوى أننا نملك فما يتحدث لنفسه أحيانا و للارواح أحيانا أخرى التي قد تكون تسمعنا و قد لا تكون , فالام صبورة ضرورية الوجود في البيوت فلو كتبت لنا لكنا اليوم نرسم عليها أحلامنا و نخط عليها أشعارنا و ننقش عليها عبارات أشواقنا حين هاجت فينا أمواج بحر الروح و العاطفة و الحنان , صدر حنون نهرب اليه لنختبأ من الفزع و الخوف و نفور الناس منا , فحين غيابها قل ولا تستحي أن الوجود من بعدها ما عاد له طعم و دوق , لأن لا أحد سيفهم و يحس بالشغور و الفراغ الدي بداخلك و فحين تغيب فتاكد أنك أنتهيت و انتهت حياتك العادية , فحتى و ان حاولت أن تجدد مكانك و انارة غرفتها فلن تفلح و ستظل كالطير المجروح الدي فقد جناحيه و ما استطاع أن يحمل أشلائه , و حتى و ان حاولوا مساعدتك لن يصلوا الى ارجاع ما ضاع منك و صدقني لا حب من بعدها حتى لا أقول لك مستحيل , فمهما حبيت من مرة و أوهمت نفسك أنك تحب فتأكد أنك ستكتشف مع الوقت أنهم كانوا يخدعونك و أبدا أحبوك , أنا لا أحاول أن أقطع الامل في أي كان , لكن أتحدث عن تجربة سنين ما استنتجت منها سوى الغدر و الخيانة و النفاق و الانانية , فكل من أحببتهم ضاعوا مني لسبب أو لاخر , المهم اكتشفت أني فقط تهيا لي بأنهم أحبوني , فدائما الخواتم هي من تكشف لنا الوقائع , فالحب صنعته أم و حين ماتت تأكد أنه مات معها , الحب تكشفه المواقف الصعبة , فكم من حبيب أو حبيبة قالت لي أحبك ألف مرة سمعتها هته الكلمة لكن أبدا أحسستها , لأن من قالها لي ما كان فعلا كدالك , فكلمة أحبك أصبحت مجرد لفظ للتضليل و تغليط الطرف الاخر , فالحب أفعال و لا أقوال , الحب معاملات و مواقف تثبت نفسها و تشرح الكلمة بدلا عنك حتى و ان كنت غائبا أنت عن الميدان فتأكد أن عملك و مواقفك هي من تغرس حبك في قلوب الناس بالرغم عنهم , سيحبونك حتى و ان كانوا يكرهونك , فمن يحب لا بد أن يتنازل للاخرين و الا ما كان الحب هدا حب , الحب التضحية , فلا أحد يقبل التضحية في سبيلي الا امي و لا أحد أيضا يقبل التضحية من اجلها الا أنا لأني أحبها فعلا ,فصدقني ان قلت لك أنا هنا لأجل أمي , نعم أعرف أنها ميتة لكن وجدت هدا هو السبيل الوحيد الدي أستطيع أن أعيش معها لحظة بلحظة , فحين أنجز عمل ما أشعر نعم أشعر بفرحتها معي لأنها أمي روحي معلقة بها , فبالتأكيد لا أحد يحب لي النجاح كما تحبه لي هي , أنا غايتي في الحياة هي أن أتم رسالتي لأن ما بقي سوى فمها و روحها فلما أحرم نفسي من التعبير بسم أمي ان كنت فعلا أشتاقها , و ألامي كلها منها اتولدت و لولاها ما كنت لأكتب ولا لأشعر و لا لأبكي , سعيد أنا صدقني حين تسقط مني الدموع لأنها دواء لي فكلما سقطت كلما أحسست أني سأكون و سأظل أكافح حتى أصل اليها , فما أحلى حين تحس أنك راض عن عملك و ضميرك مرتاح , و أمك راضية عنك , فأدعوا لها بالرحمة في كل لحظة و أقول الحمد لله أنها أخلفتني لأخدمها و أدعوا لها بالرحمة و كلنا غادون و داهبون فاعمل لأخرتك كأنك تموت غدا و العاقبة للمتقين .