هاهو كما في البخاري: رجل من بني إسرائيل، أسرف على نفسه كثيراً، وهو موحد لم يشرك بالله جل وعلا، قتل وزنا، وسرق وغش، وكذب واحتال، وشهد الزور وأساء كل الإساءة، انتهك حرمات الله، تكبر وتجبر، وحلت به سكرات الموت التي لم يُعفَ منها أحد حتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجمع أبناءه في تلك الساعة، ساعة لا ينفع فيها مال، ولا ينفع فيها ولد، ولا ينفع فيها منصب، ولا ينفع فيها جاه، جمع أولاده وقال: أي أبٍ كنت لكم؟ قالوا: خير أب، قال: فوالذي نفسي بيده ما عملت خيراً قط، غير أني أشهد أن لا إله إلا الله، فإذا أنا مت فأضرموا فيَّ ناراً، ثم ألقوني في النار حتى أصير فحماً، ثم اسحقوني، ثم ذروني مع الريح.
فمات فنفّذوا وصيته وأضرموا له النار، ورموه فيها حتى صار فحماً، ثم سحقوه، ثم ذروه مع الريح، وتفرق على ذرى الجبال، وعلى رءوس الأشجار، وعلى السهول والوِهَاد والأنهار، لكن الذي بدأه أول مرة يعيده.
قال الله له: كن؛ فكان، قال: يا عبدي ما حملك على ما صنعت؟ أما علمت أني أستر العيب، وأغفر الذنب؟ قال: يا رب! خفتك وخشيت ذنوبي، قال: أشهدكم يا ملائكتي بأني قد غفرت له وأدخلته الجنة.
فلا إله إلا الله، ما أرحم الله! ما ألطف الله بعباده! ما أحلم الله على عباده! {وَمَن يَعْمَلْ سُوءً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُوراً رحِيماً} [النساء:110] وكلنا ذوو خطأ!