من سهر الليالي دجى الدوالي ( أم أسد )

بسم الله الرحمن الرحيم

اذا أردت ان تسكر بنعمة الحب و تتمتع بفصولها و كل طقوسها لا بد لك شيئا من العنب أي أعلن عن مشاعرك و عبر و الهم من حولك بذاك الشعور و ذاك اللحن الذي بداخلك, و ان أردت ذوق العنب اغرس كروما يعني ابني لنفسك وكرا أو عشا لك في غصن شجرة , و ان أردت ان تبني لنفسك عشا قم بجمع الاوراق و قصب التبن و اسهر على جمعها و صفها و ضمها الى بعض و دكها ببعضها البعض , ليتماسك العش و لا ينحل قاعه, او تحسبون الوصول الى قمة النجاح و ذروته أمر سهل و هين؟ فبنة و طعم الحب لا تأتي الا بالعناء و التوكل على الله و على الذات و الارادة , فالحياة اقوال و أفعال و ليس كل من قال فعل و ليس كل من فعل قال أو هو القائل, فهناك من هم يسيرون على بطونهم ما يفعلون سوى ما يؤمرون به , فتراهم يرددون اقوال و كلمات و يتراقصون عليها لكن لا يشعروها أو يقرؤوها بفهم ليس بالفهم الذي اراده القائل , و قصده من المقال , فالعنب يختلف لونه و ذوقه و شكل حباته , فترى السكارى يختارون أنواع الخمور من أصل العنب لأنهم يرون في ذوقه حكمة و شفاء لقلوبهم و عقولهم, فهناك خمور تدفع باصحابها الى العنف و فقدان الوعي و التوازن فتراهم يثورون و ينزعجون بسرعة من غير حسبان أو شعور, و كل ذاك من فعل الخمرة الفاسدة التي شربوها, ان اللذة تأتي من حكمة غارسها و التربة و ملقمها و ساقيها, فترى الالحان تختلف باختلاف الكتاب و أصحاب الكلمات فكل له شخصية و اتجاه معين يسير فيه و عليهو فغالبا ما تجد الكاتب للكلمة و الذي هو اسمه على الغلاف ليس هو الصاحب الاصلي للكلمات بل كلمات منقولة , بل هو مجرد منتج و ألة انتاج اخذ من لب الكرمة و قام بتصفية ما يصفى و سوق الكتاب على اسمه , و جعل له فب غلافه الخارجي رسم و بيان يدلي بصاحبه و ثم تكمن شخصية الكاتب الحقيق للموضوع و ما أراد أن يشير اليه من كلماته, فمعظم الذين يكتبون و يبدعون لا يحبون الظهور للناس و هذا شيء طبيعي حفاظا على سر ابداعهم و خيفة من الانفلاق و الانزلاق, فكل ما ترونه في الكون مكون و مكنون له اصحابه و انهم هم لبنة المجتمع و روحه و المادة الخام , يصنعون من الطبيعة الاسمدة للحقول و البقول و كل الانغام التي تتناسب مع الوضع, فليس كل ما يسري على الارض حلو شرابه فتحلى و دقق قبل أن تشرب فقد يصيبك السم و أنت لا تدري, فكما هناك نعم فيها خير لنا هناك أيضا نعم فيها شر لنا, تحقق مما تقرأ و ميز و خذ ما تراه يناسبك و اترك الباقي للباقيات, فأخير الناس من يكتب لغيره و عن نفسه و لا يكتب لنفسه لأن النفس محفوظة من الله فان تعلمت أنت شيء و احسست به ليس معناه أنه لا بد عليك أن تحتكر العلم بداخلك بل ارسله لأن العلم ملكية جماعية و ان ابتليت به فاعلم أنك محظوظ و مسخر لأداء رسالة لا بد لك أن لا تتردد في أدائها و الا شقيت في حياتك و مت حسرة على أنك اعدمت نعمة بداخلك و حشرتها و جحدت بها على غيرك انه بخل و العبد المسلم لا بد أن يكون زاهدا في الحياة ,ولا يمانع في العطاء و ان أعطي اليه الله نعمة لأنه أحبه و رأى فيه الاخلاص, حاول بقدر الامكان أن تمد و لو قسطا منها , أي عشر و زكي فأيضا هناك زكاة العلم , فالعلم ايضا مال و كسب مفروض عليك تزكيته , فكلما تصدقت و زكيت منه كلما زادك الله علما و كرمك و بارك لك في لسانك و قلمك , هذا هو منطقي و نظرتي الشخصية و نافذتي التي أؤمن بها و أحسستها مع نفسي , كل ما أعطيت كلما تضخمت الافكار في رأسي , فأصبح عندي فائض من الافكار قد لا تنفض لأني فهمت ما معنى زكاة العلم .

بسم الله الرحمن الرحيم

انها زكاة العلم هي حقيقة ايضا ان العلم نعمة و لا بد ان نزكي حق النعمة التي رزقنا بها الله ,