الشيخ الدكتور سفر بن عبدالرحمن الحوالي
ثم جاءتنا مصيبة تستوجب أن نرفع أكف الضراعة إلى الله في كل حين أن يرفع هذه المصائب عن الإسلام والمسلمين، وأن يجعل عاقبتها خيراً، ولن تدفع هذه المصائب، ولا ما هو أعظم منها -إذ لا ندري ما يخفي لنا القدر- إلا بضراعةٍ إلى الله، وبإخلاصٍ لله وتوبةٍ وأوبةٍ ورجوعٍ إلى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ فإن الله عز وجل يريد منا قلوباً مؤمنةً لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ [الحج:37]، وكما قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إن الله لا ينظر إلى صوركم، ولا إلى أجسادكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم، وأعمالكم } فيريد الله منا قلوباً مؤمنة خاشعة مخبتة منيبة، وإن كانت العبادة قليلة، لكن هذه الأمور في ذاتها أعظم عبادة.
انقر على هذا الشريط لعرض الصورة كاملة
.
وأساس كل عبادة أن يكون هذا القلب
متصلاً بالله، وأن يرى آثار الأمم السابقة فيعتبر بها، وأن يرى آثار نعم الله
سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فيحمد الله ويشكره عليها، ويدعو الله أن يديمها عليه.
وقد ضرب سبحانه تعالى لنا الأمثلة
الكثيرة، وعامة القرآن في قصصه إنما هو من أجل ذلك، كما ذكر الله سُبْحَانَهُ
وَتَعَالَى وإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ
قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ * وَقَوْمُ
إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ * وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ
وَكُذِّبَ مُوسَى فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ
نَكِيرِ * وكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا
وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ
مَشِيدٍ * أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ
لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا
تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ
[الحج:42-46] فنعوذ بالله من عمى القلوب، ومن قسوتها.