اختبر مدى عفة لسانك
لك أن تتخيل بيتا كله حركة, الأب مع أنه تخطى الستين لا يزال يصر على أنه يستطيع العمل , فتجده هاهنا راسخا في أعلى السلم الخشبي يعالج مصباحا .
و ابنه الأكبر عامر يناوله الأدوات اللازمة و ترتسم على شفتيه ابتسامة أودعها كل صفحات الرضا المطوية في قلبه عن أب نشيط يستقي منه السعي و الكد و الجد , حتى أن الأب طلب باستماتة أن يعمل هو بدل عامر لأنه يشعر بأنه لا يزال شابا J.
و الأم غير بعيد – وتعمل هي الأخرى- تمسح الغبار عن كل ما تقع عيناها عليه و تتابع باستمتاع تحركات الأب و عامر
غير أن كل هذا الجو المتحرك و السعي الجاد لم يكن ليلقي تأثيرا على نفس الابنة الصغرى –منال- و هي التي تقبع أمام شاشة الحاسوب و تشغل مكبرات صوته.
لم تكن تنصت إلى شيء ذي بال :و إنما تحدث إحدى صويحباتها في المدرسة .
ظن الجميع أن عليها واجبات تحلها على الحاسوب لكنها لم تكن لتتسمر أمام الشاشة إلا لفتح المحادثات و قضاء الساعات الطوال في الكلام في المفيد نادرا و غير المفيد غالبا.
منال:" يا ليتك ترين الأستاذ اليوم عندما لم تحضري , كدت أجن من كثرة الضحك على منظره , أتتخيلين رجلا يضع ساعة بنفسجية اللون؟؟؟
وهنا دخل عامر بعد أن سمع الضحكات الجنونية التي تطلقها أخته لينظر في الأمر.
الصديقة بسخرية " يا للهول ! ساعة بنفسجية اللون ؟ و الله زمن العجائب !لم يكن ينقصه غير سروال زهري و قميص أحمر! يبدوا أن أخواته أثرن عليه "
وترد منال غير عابئة بوجود الأخ:
" يا ليته يعطيني إياها , تريدين الصراحة مع أنه لا يفهم في طريقة اللباس إلا أن ذوقه هذه المرة في اختيار اللون خطيرررر "
الصديقة وصوتها يتقطع من كثرة الضحك"لا أظن أن هذا ذوقه لأن له سبع أخوات لذلك أنصحك بزيارتهن و الاستفادة ممن اشترت له الساعة "
ستبحثون عن عامر في هذه الأثناء و ما ردة فعله حول ما يقال ؟
سأخبركم أنه ذهب للمطبخ
للمطبخ ! لماذا؟
ستعرفون بعد قليل:
دخل عامر على أخته و هي تواصل اغتياب الأستاذ و عرض عليها لحما نيئا و طلب منها أكله
ظنته يمزح فطلبت من صديقتها الإذن للحظات.
عامر:" خذي يا أختي لتتذوقي اللحم النيئ "
منال:"أ تمزح!!! لا أستطيع!!"
قال:" بل تستطيعين فقد أكلت لحم جيفة إنسان الآن و لم أرى انك لم تتلذذي!"
"ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفرلنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين"