مقامة كتبها لنفسه ولمن فتر بعد رمضان

الحمد لله حمدًا كما ينبغي لكرم وجهه وعز جلاله، وكما يقتضيه تتابع نعمه وأفضاله، وصلى الله وسلم وبارك على نبيه محمد نبي الرحمة والرسالة وعلى آله، وعلى أزواجه وأصحابه وأتباعه ومن نسج على منواله.

أما بعد أيها السادة الأفاضل الأماجد، فقد لقيت بالأمس صاحبي النبيه وهو ساكن خامد، فقلت حيا الله ابن الكرام، فقال: وعليك يا شيخنا السلام. قلت: ما بالك اليوم خامل هامد، قال: نفسي يا شيخ قد أوردتني الموارد، لا تبادر إلى الاستجابة لأمر الله تعالى، وأخشى أن أكون ممن لا يقومون للصلاة إلا وهم كسالى.

قلت: هلم يا صاحبي أحدثك حديث النفس، فإنها والله أحوج شيء إلى الموعظة والدرس، نعوذ بالله من الإهمال والغباوة، وندعوه ألا يجعلنا ممن جعل على قلبه غشاوة، وأهمله في غمرته ساهيًا، وفي ضلالته لاعبًا لاهيًا. النفس يا صاحبي ألد الأعداء، تغلب الرجال الصلاب الأشداء، وتجر صاحبها إلى مواطن البلاء والداء.

قال صاحبي: صدقت يا شيخنا والله، فليست تدعوني إلا إلى الملاهي، فكيف النجاة من شرها يا صاح، وكيف الوصول لبر الفلاح؟ قلت: بالصبر عن الشهوات، والجد في الطاعات، ومخالفة هوى النفس في كل الأوقات

الصَبرُ عَن شَهوَاتِ نَفسِكَ تَوبَةٌ فَاثبُت وَغالِط شَهوَةً لَم تَرقُدِ

تُحمَد هُناكَ إِذا هَواكَ تَرَكتَهُ يا سَعدُ تَسعَد بِالمَعاشِ الأَرغَدِ

إِن شِئتَ نَيلَ المَفاخِرَ في الطَريقِ الأَبعَدِ

وقد دعا الحكيم لقمان، إلى تدريبها على دوام الإذعان، لتوجيهات الرحيم الرحمن، فقال لابنه: يا بني لا تنتفع بالإيمان إلا بالعقل الراشد، فإن العمل سائق والنفس حرون والإيمان قائد، فإن فتر سائقها ضلت فلم تستقم لصاحبها، وإن فتر قائدها حرنت فلم تلن لسائقها، فإذا اجتمع لها ذلك طوعًا وكرهًا استقامت أيها الإنسان، فلا تقنع لنفسك بقليل من الإيمان، ولا تقنع لها بضعيف من العمل، ولا ترخص لها في قليل من معصية الله عز وجل، ولا تعدها بشيء من استحلال الحرام والوقوع في الزلل، فإن النفس إذا أطمعتها طمعت، وإذا أيأستها يا بني أيست، وإذا أنت أقنعتها قنعت، وإذا أرخيت لها طغت وربما كفرت، وإذا زجرتها ارعوت وانزجرت، وإذا عزمت عليها أطاعت، وإذا فوضت إليها أساءت، وإذا حملتها على أمر الله صلحت، وإذا تركت الأمر إليها فسدت، فمن قوَّم نفسه حتى تستقيم نَفَعَها وكان الله معينَه، ومن غلبته نفسه فأنفس الناس أحرى أن تغلبَه وتهينَه، يا بني كن من أهل العلم والحق واصبر نفسك له، فإن الحكيم يعالج نفسه حتى تعترف بالحق وتستسهله، وإن الأحمق يخير نفسه في المبادئ والأخلاق، فما أحبت منها أحب وما كرهت كره بالإطلاق.

قال صاحبي: يا سبحان الله العظيم، إن النفس دائمًا تميل إلى الرفاهة والنعيم، ولا تريد أن تقوم للخير والصلاة والطاعات، إلا بعد أن تأخذ الترف والراحات، وربما نامت، وما قامت.

قلت: اسمع أيها النبيه، إلى ما قال قتادة الفقيه: يا ابن آدم إن كنت تريد أن لا تأتي الخير إلا على نشاط وإقبال، فإن نفسك أقرب إلى السآمة والفتور والكلال، ولكن المؤمن هو العجاج غير المتردد، والمؤمن هو المتوقي وعلى نفسه هو المشدِّد، وإن المؤمنين هم الجائرون إلى الله عز وجل بالليل والنهار، والله ما زال المؤمنون يقولون: ربنا ربنا في الإعلان والإسرار، حتى استجاب لهم بفضله العزيز الغفار.

فمن درَّب نفسه يا حبيب على الخيرات، وحملها حملاً على الطاعات، صار قبولها وفعلها للخير من العادات، ألم تسمع إلى ما قال المصطفى سيد السادات: الخير عادة من العادات، والشر من اللجاجات. ولذلك كان عمل الجنة حَزْنَة بربوة، وكان عمل النار سهلة بسهوة، وربما ورث العبد حزنًا طويلاً بساعة شهوة.

ولهذا كان الكرام من الناس للخير معتادين، لا يغفلون عنه في كل حين، أرأيت الصدِّيق كيف سهل فعل الخير عليه، وكيف سلست الطاعات يا صاحبي في يديه، فبات قائمًا، وأصبح صائمًا، وعاد قبل الفجر مريضًا يئن أنينًا، وأطعم في الطريق ذا مسغبة مسكينًا، فقال له رسول الله معلم الخير والسنة: ما اجتمعن في أحد إلا دخل الجنة.

فاجعل الله لك صاحبًا، ودع عنك الشر جانبًا، وألزم نفسك الخير إن كنت للجنة طالبًا، واجتنب الموبقات إن كنت من عذاب النار هاربًا، ولتحاسب نفسك محاسبة الشريك الشحيح، حتى تسلك بها طريق النجاة الصحيح، وجاهدها لتستجيب لخير العمل، فقد قال النبي العظيم الأجل: "المجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله عز وجل".

فإن غلبتك فأدركها بالتوبة والاستغفار، ولا تدعها في حمأة الذنوب والأوزار، ويرحم الله عليا أبا السبطين ووالد الحسنين، إذ قال: لا خير في الدنيا إلا لرجلين، رجل أذنب ذنوبًا فهو يتداركها بالتوبات، ورجل يسارع لله تعالى في الخيرات.

قال صاحبي وقد أخذه الحماس: فما الذي يعينني عليها يا أعز الناس؟

قلت: استعن أولاً بمولاك، فهو الذي للخير هداك، وقل: اللهم أعنا بقوتك، واهدنا بعزتك، واعصمنا بقدرتك، وبلغنا الدرجات العلى برحمتك، والسعادة القصوى بجودك ورأفتك.

ثم عليك بصحبة أهل الخير، ممن لا ينامون عن العشاء والفجر، ورضي الله عن علي إذ قال هذه العبارة، لقاء أهل الخيرات للقلوب عمارة. وقال: من رأيت فيه خصلة من الخيرات، فلا تفارقه فإنه يصيبك منه البركات.

ثم ذكِّر نفسَك الموتَ وسرعةَ مصرعِه، والقبرَ وهولَ مطلعِه، واللحدَ ووحدةَ مُودَعِه، والملكَ وروعةَ سؤاله ومطلعِه، وذكِّرها النارَ دار العصاة الحطمة المؤصدة، التي جعلها الله في عمد ممددة، وصوِّر لها أهلها وحارسُهم مالك، ورواقهم مظلمٌ حالك، وطعامُهم السُّموم، وهواؤهم السَّموم، وظلُّهم اليَحْمُوم، لا مال أسعدهم ولا ولد، ولا عَدد حماهم ولا عُدد.

ثم ذكِّر نفسك بالجنة دار الخلود، حيث السدر المخضود، والطلح المنضود، والظل الممدود، والماء المسكوب، والفاكهة الكثيرة غير المقطوعة أو الممنوعة، والفُرُشِ العُرُبِ الأترابِ المرفوعة، والأكواب وقوارير الفضة الموضوعة، وصوِّر لها أهلها وهم في النعيم يتقلبون، وعلى الآرائك يتكئون، وبين أيديهم الولدان المخلدون، وعندهم حور عين كأمثال اللؤلؤ المكنون.

وذكِّرها على كل حال، بقول ذي العزة والجلال، (فَأَمَّا مَن طَغَى (37) وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (38) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى (39)) (النازعات).

أعانني الله وإياك على أنفسنا ووقانا شرها، وحمانا وإياك من غدرها ومكرها، وجعلنا ممن يستغفر دائمًا من ذنبه، ويخاف على الأوقات مقام ربه، حنى يورثنا الجنان، ويعتق رقابنا من النيران، إنه ولي كل إحسان.

وفي الختام، لا نملك إلا حمد الملك العلام، والصلاة والسلام على مَنْ على الخير عوَّدنا، ولأسباب الفضل والهدى أرشدنا، أعني النبي محمدًا سيدنا، وعلى آله الطاهرين الطيبين، وصحبه الكرام الغر الميامين، والأئمة الكرام المتبوعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

إلى الرئيس محمد مرسي:
رضي الله عنك وزادك توفيقًا، وفتح بك للأمة إلى العز والنصر والتمكين طريقًا، وجمع من حولك القلوب ولك الكلمة، وأتم عليك وعلى الأمة بك النعمة، وأضاء لك طريق الحق وأنار لك البصيرة، وجبر على يديك الأمة الكسيرة، وحبَّبك- على رغم الرافضين- إلى الأهل والعشيرة!.

بارك الله فيك سيف الاسلام على الموضوع الرائع جعله الله فى ميزان حسناتك
وجزاك الله خير على الافاده

جزاك الله خير اخى نور الاسلام على المرور والتعليق الطيب

أعانني الله وإياك على أنفسنا ووقانا شرها، وحمانا وإياك من غدرها ومكرها، وجعلنا ممن يستغفر دائمًا من ذنبه، ويخاف على الأوقات مقام ربه، حنى يورثنا الجنان، ويعتق رقابنا من النيران، إنه ولي كل إحسان

بارك الله فيك سيف الاسلام على هذة الافادة

بارك الله فيكى اختى لمسه على المرور والتعليق الطيب

بارك الله فيك سيف الاسلام على الموضوع الرائع جعله الله

بارك الله فيكى اختى فاطمه على المرور والتعليق الطيب

جزاك الله خير اخى سيف الاسلام على الموضوع
وبارك الله فى كل ما تقدمه لنا وننتظر منك كل الجديد

جزاك الله خير اخى مؤمن على المرور والتعليق الطيب

جزاك الله خير اخى سيف الاسلام على الموضوع
وبارك الله فى كل ما تقدمه لنا وننتظر منك كل الجديد

جزاكى الله خير اختى الملاك على المرور والتعليق الطيب

» كلمــات كتبها مجنون !
» كلكم يبكي لنفسه
» هام للحامل فى رمضان ،نصائح صحية للحامل قبل وأثناء رمضان
» استقبال شهر رمضان
» أبيات شعر عن رمضان