النبات عالم قائم بذاته، يجتهد العلماء في دراسته وكشف خصائصه، فقد زوده
الله سبحانه وتعالى بصفات عجيبة لكل أنواعه التي تصل إلى 500 ألف صنف مختلفة
التراكيب والاعمار، ويرجع تاريخ النبات على الأرض إلى أكثر من 115 مليون سنة. وقد
اشار القرآن الكريم إلى العديد من الحقائق العلمية التي لم يعرفها الانسان إلا
حديثا•
ويؤكد الدكتور نظمي خليل أبو العطا -أستاذ علوم النباتات - أنه ثبت
أنه لا يتفق نباتان من نوع واحد في صفاتهما كل الاتفاق•• وجعل الله سبحانه وتعالى
من كل الثمرات زوجين اثنين فيقول سبحانه: «وهو الذي مد الأرض وجعل فيها رواسي
وأنهارا ومن كل الثمرات جعل زوجين اثنين يغشى الليل النهار إن في ذلك لآيات لقوم
يتفكرون• وفي الأرض قطع متجاورات وجنات من أعناب وزروع ونخل صنوان وغير صنوان يسقى
بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون» سورة الرعد -
الايتان 3 و 4•
ويقول سبحانه «وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما
في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا
يابس إلا في كتاب مبين» سورة الأنعام - الآية 39• ويقول «والأرض مددناها وأنبتنا
فيها من كل شيء موزون وجعلنا لكم فيها معايش ومن لستم له برازقين وإن من شيء إلا
عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم» سورة الحجر - الآيات من 19 - 20•• ويقول
تعالى: «أو لم يروا إلى الأرض كم أنبتنا فيها من كل زوج كريم» سورة الشعراء - الآية
7
يسعى إلى رزقه
ويضيف: شاءت قدرة الله
سبحانه وتعالى أن يخلق كل شيء في هذا الوجود في زوجية واضحة حتى يبقى وحده سبحانه
متفردا بالوحدانية المطلقة فوق جميع خلقه، والسعي على الرزق سنة من سنن الله في
الخلق والكل يسعى إلى رزقه، فالإنسان يسعى بقدميه وعلى الدواب، والطير يسعى ويطير
بجناحيه ويمشي على رجليه والسمك يغوص في الماء، والحيوانات تتنقل بين المراعي،
فماذا يفعل النبات؟ وكيف يسعى إلى رزقه؟ إن الله هو الذي خلقه وهيأه وشمله برحمته،
وأمده بآليات معجزة إذ سبق الانسان والحيوان وهبط الوديان وقطع المحيطات والبلدان
وانتشر في الهضاب والسهول والحقول والصحاري وفي المناطق الحارة والباردة• تحمل
الرياح ما خف من بذوره وبعضها له أجنحة فتطير في الهواء مسافات بعيدة وبعضها «يركب»
الإنسان والحيوان ويتعلق بهما ومنها ما زوده الله بخطاطيف، فتنتقل إلى بلاد بعيدة،
كما يقوم الماء بنقل الثمار والحبوب والبذور حيثما يجري•• كل ذلك يدل على أن الله
خلق هذا النبات وقدر له رزقه فإنه تبارك وتعالى لم يخلق شيئا عبثا•
وعلى
الرغم من ان النباتات تبدو ساكنة وصامتة، فإن بداخلها ساعة بيولوجية تدق طوال
الوقت، وهذا ما اكتشفه الباحثون في النصف الثاني من القرن الماضي وأكدت دراسة علمية
أنه كما يحتاج البشر إلى ساعة توقظهم من نومهم وتنظم مواعيدهم، فكذلك النبات يحتاج
إلى من يخبره بموعد شروق الشمس حتى يتهيأ ويقوم بمهامه، وتتحكم ساعة النبات في
تعديل التمثيل الغذائي بحيث يحمي نفسه من الضوء الشديد، وعندما يحل الغروب تتوقف
الساعة في النبات وينام كما يفعل البشر•
دموع
النبات
كما تثبت الحقائق العلمية ان النبات يدمع وله قنوات وأجهزة
دمعية، وتوصل العلماء إلى أن القلقاس الهندي العريض الأوراق يسكب في الليلة مئة
سنتيمتر مكعب من الدموع المحملة بالأملاح والأحماض، أما الجذع الذي بكى•• فتلك
حقيقة علمية إسلامية وليست قصة من الخيال فقد ورد أن النبي - صلى الله عليه وسلم -
كان يصلي الى جذع نخلة عندما كان المسجد عريشا وكان يقف على الجذع في الخطبة، فقال
رجل يا رسول الله هل لك أن نجعل لك منبرا تقوم عليه يوم الجمعة؟ فقال نعم، فصنع له
ثلاث درجات فلما قام النبي وتجاوز الجذع الذي كان يخطب عليه خار حتى تصدع وانشق،
وسمع النبي صوته فمسحه بيده، وقيل إن النبي سمع للجذع صوتاً مثل خوار الثور فلما
التزمه سكت»•
النباتات أكلة الحشرات
ومن
آيات صنع الله الدالة على قدرته المطلقة سبحانه وتعالى، النباتات أكلة الحشرات،
فهذه النباتات تنمو في أرض قليلة الموارد العضوية، وبعض أنواعها نجد أوراقه مزودة
بزوائد شوكية على سطحه الأعلى فإذا وقعت حشرة على ورقة النبات فإنه يفرز عصارات
تذيب الحشرات ثم يمتص ما يذوب منها بل هناك من النباتات ما يخدع الإنسان ثم يفترسه،
إذ يصدر أنينا خافتا حزينا، فيجري الإنسان نحوه ويضع أذنيه على جذع الشجرة ليسمع
هذا الصوت، فيفاجأ بالأحماض تنهمر عليه في مشهد مرعب لتشل حركته، ثم تبدأ تحليل
جسده وتتغذى عليه• وبعد فترة تلقي بهيكله العظمي•• وهكذا تفعل هذه الاشجار مع
الضفادع والحيوانات التي تقترب منها وتلتصق بها•• وهذه حقائق علمية، ويطلق العلماء
عليها «النباتات المفترسة» او «اللاحمة» وموطنها الأصلي جزيرة مدغشقر ووسط آسيا
واستراليا، فهذه النباتات تعيش في بيئة فقيرة لكن الرازق لا ينساها ويسوق إليها
رزقها• بل إن العجيب أن النبات يستطيع تمييز الفريسة الصالحة للهضم والامتصاص عن
الفريسة غير القابلة لذلك•
وتملك النباتات بالإبداع الالهي فيها، دفاعات
طبيعية مثل الأشواك بأنواعها المختلفة التي تمنع الحيوانات آكلة النبات من مهاجمتها
خصوصا الحشرات. وبعض النباتات تنتج زيوتا قوية الرائحة تنفر الحشرات ومنها ما يحتوي
على مواد كيميائية لها طعم مر أو سام، كما وهب الله للنباتات الصحراوية اشكالا
ظاهرية معجزة تحميها من الرياح، وهيأها العليم الخبير لتتحمل درجة الحرارة وتقلل
النتح وتحتفظ بالماء•